في الذكرى الثانية لاعتقال الصحفي جهاد أسعد محمد... الجلّاد واحد!!
<p dir="RTL" style="text-align:justify"><span style="color:#000000"><sup><span style="font-size:18px"><strong>أصدقاء المعتقل (قاسيون) -</strong> من أصعب أنواع الكتابة، أن تكتب عن شخصٍ، كنت تعتبره أخاً وصديقاً وزميلاً ورفيقاً، بكل ما لهذه التسميات من معنى، أن تكتب عن شخص كان هو من يتحدث معك عن المعاناة والتعذيب؛ والأحلام؛ والأمل، عن المعتقلين الذين كانوا يتلقون الإذلال والترهيب من جلاديهم، أن نكتب عن الصحفي والكاتب «جهاد أسعد محمد» بعد عامين من الاعتقال، كمن يكتب عن قطعة من روحه فقدها، فلا كلمات تعبر عن صدق الغياب والافتراق القسريّ.</span></sup></span></p>
<p dir="RTL" style="text-align:justify"><span style="color:#000000"><sup><span style="font-size:18px">عندما بدأت الاعتقالات، كان أول المدافعين عن كل معتقل، بعيداً عن الفكر والمعتقد، كان «جهاد» يرى في الجميع سجناء حرية الفكر والرأي؛ والتعبير، حتى في يوم اعتقاله كان متوجهاً لمساعدة عائلات شردت.</span></sup></span></p>
<p dir="RTL" style="text-align:justify"><span style="color:#000000"><sup><span style="font-size:18px">تقول رفيقة دربه: «بين جهاد والكلمات عهد وميثاق، هو يجمعها بخيط نور وحقيقة، وهي تغدو شمعات تنير دروب عتمته... والشاب الأسمر ابن القلمون العتيق، يحفظ عهوده ويصون مواثيقه، فهو حين يعقد كلماته على صفحات الصحف والجرائد، تصبح صوت للعدل، وفاروق بين الحق والباطل... وجهاد الإنسان أولاً والصحفي ثانياً، ينتصر دائماً لكل مغلوب ومقهور وفقير، ويتجرأ بكلماته أبداً على الظلم والضلال والاستبداد<span dir="LTR">..</span>.».</span></sup></span></p>
<p dir="RTL" style="text-align:justify"><span style="color:#000000"><sup><span style="font-size:18px">من كان يتجرأ قبل الثورة أن يكتب ما عبّر عنه جهاد في تعريف الصحافة السورية حين قال: «الصحافة في بلدنا ليست سلطة رابعة أو سابعة أو عاشرة... إنها ليست سلطة على الإطلاق، وإلا لكان المسؤولون المتربعون في مناصبهم حتى الآن، والذين أثبتت الصحافة عدم كفاءتهم، أو فسادهم... داخل السجن... أو على أقل تقدير في مزارعهم المنهوبة من المال العام، يربون الدجاج والأرانب...».</span></sup></span></p>
<p dir="RTL" style="text-align:justify"><span style="color:#000000"><sup><span style="font-size:18px">أجمع كل من قرأ ذلك بالقول: «هكذا قرأ جهاد الصحافة في سوريا قبل أيّ حراك شعبيّ، وقبل أن ينتفض المقهور والفقير، المظلوم والمهمش، المثقف وغير المثقف، المتعلم وغير المتعلم، وقبل أن يثور البشر والشجر والحجر... وهو يعرف أنها ليست سلطة بل وبال! إن لم تخدم مصالح المتنفذين والمسؤولين والحاكمين بأمر الله...!» وكانت هذا الرأي كافيّاً أن يتعرّض للمضايقات والاستدعاء الأمني أكثر من مرة قبل اندلاع الثورة لمواقفه المناهضة للحكومة التي تمثّلت بمقالات عن الفساد المستشري بين المؤسسات الحكومية وكبار المسؤولين<span dir="LTR">.</span></span></sup></span></p>
<p dir="RTL" style="text-align:justify"><span style="color:#000000"><sup><span style="font-size:18px">مر عامان على الاعتقال، وما تزال كلماته ترنو في سمع كل من عرفه بالطريقة والفهم الديالكتيكي: «أنا الآن مجرد سوري ثائر في طور إعادة اكتشاف الذات ويحلم بالحرية»<span dir="LTR">"</span></span></sup></span></p>
<p dir="RTL" style="text-align:justify"><span style="color:#000000"><sup><span style="font-size:18px">كتبت عنه مجلة «صور» بورتريه قالت فيه: «لم يقبل جهاد محمد مغادرة العاصمة دمشق رغم كل الضغوطات التي كانت تمارس عليه، كالتهديدات المباشرة على حياته، والملاحقة والتضييق الأمني الذي بات يحاصر كل النشطاء السلميين في الداخل السوري»<span dir="LTR">.</span></span></sup></span></p>
<p dir="RTL" style="text-align:justify"><span style="color:#000000"><sup><span style="font-size:18px">وأضافت المجلة «دمشق أصبحت في نظر (جهاد أسعد محمد)، الزنزانة الواسعة التي يمشي فيها متوجّساً وجوه الملايين من المارّة الخاضعين تحت إمرة السجّان الواحد... الجلاد الواحد... الوجوه ذاتها توحي لجهاد الألم والشفقة! كلّهم ضحايا..! ضحايا الاستبداد، ومنهم ضحايا أنفسهم التي آثرت العبودية عوضاً عن الحرية المُطلقة»<span dir="LTR">.</span></span></sup></span></p>
<p dir="RTL" style="text-align:justify"><span style="color:#000000"><sup><span style="font-size:18px">شجّع «جهاد» الكتّاب السوريين الشباب على المساهمة في الصحيفة «قاسيون» التي كان يعمل بها «رئيس تحرير» وناضل للحفاظ على استمرارية الجريدة لمدة خمس سنوات. استُدعي للاستجواب من جهاز أمن الدولة عقب إجراء مقابلة مع إحدى محطات التلفزة الإخبارية الروسية، من هنا كان عتب أصدقائه؛ ورفاقه؛ وأهله على الصحيفة، التي لم تبادر في التدخل بالإفراج عنه، حين كانت تملك تلك القدرة؛ والضغط على النظام من أجله<span dir="LTR">.</span>.<span dir="LTR">.</span></span></sup></span></p>
<p dir="RTL" style="text-align:justify"><span style="color:#000000"><sup><span style="font-size:18px">وفي ١٠ آب ٢٠١٣، اعتقلته قوات الأمن السورية بالقرب من شارع الثورة في وسط دمشق، بعد أن أعطى رأيه بالثورة السورية، التي بالنسبة له، كشفت العديد من الحقائق. ومن أقوى ما كتب فيها: «أن الزمن الذي كانت فيه سلطة القهر للنخبة السياسية الفاسدة، والجوفاء تهيمن على الخاضعين لها قد ولى... ولم يعد هنالك ما يخسره سوى القيود التي تكبّله وتعيق تحرره، وأن الرئيس الذي يقتل شعبه ويحرق وطنه، ومدنه، والقلاع التاريخية والتراثية، لا يحق له الادعاء أنه يدعم نضالات الشعوب الأخرى من أجل الحرية».</span></sup></span></p>
<p dir="RTL" style="text-align:justify"><span style="color:#000000"><sup><span style="font-size:18px">جهاد أسعد محمد الذي عملَ على مشروع وطني ديمقراطي في كتاباته ولقاءاته ونشاطه السلمي مع باقي الناشطين المدنيين، يقبع الآن في أقبية المخابرات السورية بتهّمةٍ تليقُ بجلاده ولا يعرفها قلب الثائر الحر مُطلقاً<span dir="LTR">.</span></span></sup></span></p>
<p dir="RTL" style="text-align:justify"><span style="color:#000000"><sup><span style="font-size:18px">قبل اعتقاله بسنة كتب «جهاد» في تحليل الوضع السوري: «الدروب الوعرة هي الآن عنوان كل نقاش يشبه المعركة بين «مؤيد» و«معارض»، وهنا لا فرق بين متعلم وأمي، ومثقف وجاهل، ومنتمٍ وغير منتمٍ، وكبير وصغير.. فالجميع إلا ما ندر، يتعامل مع الآخر على أنه عدو، أو أنه بالحد الأدنى أحمق وطائفي، أو انتهازي وعميل، كما أنه لا فرق إن كان هذا النقاش/ العراك، في مقهى أو في شارع أو على شاشة إحدى المحطات..وأجزم هنا أن لا أحد من المتناقشين المتعاركين يسمع الآخر، وكل منهما يظن أن الغلبة لمن يصرخ أكثر..<span dir="LTR">!.</span></span></sup></span></p>
<p dir="RTL" style="text-align:justify"><span style="color:#000000"><sup><span style="font-size:18px">وهناك دروب وعرة، متعرجة وطويلة ومليئة بالمخاطر، تفصل عدداً من المحافظات بعضها عن بعض، فالطريق بين ريف حماة الغربي / حمص مثلاً، لم يعد يستغرق نصف ساعة كما كان قبل عهد قريب، بل صار يتطلب من ساعة ونصف إلى ساعتين، حسب مزاج الحواجز الأمنية، والحواجز الطائفية، المقيمة أو «الطيّارة»، التي يمكن أن يكون المرور عبرها آخر عمل يقوم به مواطن بسيط لا ناقة له ولا جمل في الاصطفافات العمياء الجارية في البلاد حتى الآن... وهذا الأمر يحدث ما يوازيه أو يزيد في بعض مناطق طرطوس ودير الزور وحلب وإدلب واللاذقية.<span dir="LTR">..</span></span></sup></span></p>
<p dir="RTL" style="text-align:justify"><span style="color:#000000"><sup><span style="font-size:18px">وربما – إذا ما استمر الحال على المنوال ذاته- يمتد هذا الجنون الدموي ليشمل البلاد من أقصاها إلى أقصاها<span dir="LTR">..</span>.».</span></sup></span></p>
<p dir="RTL" style="text-align:justify"><span style="color:#000000"><sup><span style="font-size:18px"><strong>وصدقت نبوءة جهاد هذه...</strong></span></sup></span></p>
<p dir="RTL" style="text-align:justify"><span style="color:#000000"><sup><span style="font-size:18px"><strong>الحرية لجهاد ولجميع المعتقلين في سجون النظام... الحرية تليق بك، والخزي لسجانيك!!. </strong></span></sup></span></p>