حشيش أفغاني
<p dir="RTL"> </p>
<p dir="RTL"><strong>إبراهيم نمر...</strong></p>
<p dir="RTL"> </p>
<p dir="RTL">لن أبقى يوما واحداَ في هذا البلد، هكذا مشيئة العبد؛ لا مشيئة إله الكون، قالها «أبو حشيش» والكثيرين من أصدقائه الميامين، السبب ليس في ارتفاع سعر سندويشة الفلافل، وتعرفة ركوب التاكسي بكل ألوانه، والباصات العامة، التي كانت في زمنٍ ما يسمى «النقل الداخلي» الذي بلعه تجار السرافيس الزاحفة... رحيله لن يكون يوماً بسبب أصوات الرصاص؛ والطيران الحربيّ، ولا الميغ والسوخوي بترنحهما فوق سماء المدن والبلدات، ولا البراميل التي زادت من غزلها دماء وأجساد الأطفال، أو المداهمات والزيارات الليلية لأجهزة الأمن، أو الحواجز العسكرية التي قطعت أوصال المدن جميعها، وقسمت المدينة الواحدة والحارة الواحدة إلى مربعات ومستطيلات... إنما لسببٍ أو غايةٍ في نفس أبا الحشيش الحيادي رغم كل المآسي والدمار والهلاك.</p>
<p dir="RTL">الملقب المغوار «أبو حشيش» العلمانيّ والثورجيّ قبل الثورة، لم يبد انزعاجه يوماً لكل هذه المظاهر التي باتت طبيعية، لا بل عادية جداً، حتى المحطات المغرضة أمثال (الجزيرة، والعربية) وغيرهما، وحتى عشرات آلاف الصور للمعتقلين، لا مكان لها في قاموس «أبو حشيش» ولم تمنعه من حب الوطن والعيش تحت سقفه، هذه جميعها قضايا ثانوية في فكره المناضل، هو يرى ما لا نراه نحن عامة الناس ولا يخفي انزعاجه عندما يسمع حواراً ساخناً بين شخصين يتناوبان الشتائم من منطق الموالاة والمعارضة، ليتدخّل على الفور ويحسم بالقول: «انتو حمير شو بيفهمكم بالشي يلي عم يصير». ويستطرد قائلاً: المسألة معقدة جدا أكبر من فهمكم.</p>
<p dir="RTL"> وفي آخر لقاء لأبو حشيش، بمقهى الروضة وهو يدخن أركيلته، قرر أن الوضع لم يعد يطاق، ولم يعد سعيداً بهذه الأراكيل، لا في الروضة، ولا في النوفرة، والتاجر الذي يستغله كل يوم «لعما بقلبو أبو الليل رفع التسعيرة».</p>
<p dir="RTL"> وفي اللقاء الأخير الذي جمع أبو حشيش مع أبو الليل، وصل الأمر بينهما إلى العراك بالأيدي والركل. ولسان حاله يقول: «حتى أنت أبو الليل... كلهم كم غرام، وأسوأ نوع أفغاني، ولسا بدك تتزمبر علينا». التحوّل الدراماتيكي الآن «أبو حشيش» ببلد «أورمبي» كما يلفظها، كلاجئ سوري لكن «محايد» وما يزال يحشش على أس السوريين، ويصرخ متهماً أن «قذائف الهاون هي التي دمرت سوريا» وعندما يأخذ جرعة زائدة من النوع الأفغاني الرديء، يصيب بهستريا الضحك التحشيشيّ، وهو يردد «موطني موطني» في طريقه لنومٍ عميق، وحين الاستيقاظ بعد نوم طويلٍ، لا يختلف عن أهل الكهف يهرع إلى الـ«فيس بوك» ليكتب جملته الشهيرة «يلعن روحك يا حمد» عند كل دخول...</p>
<p dir="RTL">أبو حشيش رجل «افتراضي» يشبه آلاف السوريين في الكامبات الأوروبية الذين على شاكلته تماماً، أمن لنفسه اللجوء والإقامة على حساب من دمر منزله وخسر حياته ودفع شهداء تحت التعذيب والقصف... كل سوريا وأوروبا وأبو حشيش كل بالكل بكل حياديته وروحه النتة!!. </p>