يعتبر القرار الذي أصدره الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بتكليف وزارة دفاعه للتفاوض مع النظام السوري من أجل السيطرة على المزيد من المساحات في المنطقة الساحلية وغيرها من المناطق ، يعتبر مؤشرا خطيرا على طبيعة المرحلة القادمة التي ستحكم سوريا ، والتي تشير إلى أن الروس قرروا انتهاج سياسة جديدة مع نظام الأسد ، وهو دفعه للتخلي بالقوة عن أجزاء من الأرض السورية ، بعدما تبين أنه مفلس ولا يستطيع الإيفاء بالتزاماته اتجاه الديون الروسية ، والتي تقول التسريبات بأنها تصل إلى أكثر من 30 مليار دولار .
وقد حاولت مصادر في النظام السوري ، وكما العادة ، في التخفيف من قسوة القرار الروسي ، حيث أشارت إلى إن ذلك هو أفضل طريقة لمواجهة قانون قيصر المرتقب ، إذ أن أمريكا ليس بوسعها ، حسب قولهم ، أن تعاقب الشركات الروسية ، إلا أن مصادر في المعارضة ، أكدت بأن قانون قيصر سوف يشمل كل من يتعامل مع النظام ، بمن فيهم الروس .
الرأي السابق ، كان قد كتبه اليوم على صفحته في "فيسبوك" السفير لدى النظام نضال قبلان ، والذي طلب أيضا من الموالين ألا ينساقوا وراء التحليلات التي تقول بأن النظام يتخلى عن الأرض السورية لصالح روسيا ، خاتما منشوره بتوجيه التحية للرئيس بوتين ، الذي اعتبره منقذا للبلد .
ويرى الكثير من المراقبين بأن السلوك الروسي الجديد الهادف لقضم المزيد من الأرض السورية ، تحت بند الإيجار والاستثمار ، سوف يفتح شهية إيران للمطالبة بديونها هي الأخرى ، والتي تقول التسريبات كذلك ، بأنها تتجاوز الـ 50 مليار دولار ، وأنها سوف تضغط على النظام من أجل تحصيل هذه الديون عبره دفعه لتقديم تنازلات كبيرة ، اجتماعية وثقافية ودينية بالدرجة الأولى .
على أية حال ، هناك الكثير من التحليلات التي تقول بأن القرار الروسي العلني ، بإجبار النظام السوري بالتنازل عن أرضه ، إنما يستغل وجود بشار الأسد في السلطة ، للتوقيع على هذه العقود الجديدة ، إيذانا بالتحضير لرحيله أو إحداث تغييرات كبيرة في الأزمة السورية ، والتي بدأت ملامحها تظهر عبر الكثير من المؤشرات ، منها خلاف الأسد ـ مخلوف ، وسلسلة المقالات في الصحافة الروسية ، والتي لاتزال مستمرة حتى اليوم ، وتتحدث عن ضرورة انصياع بشار الأسد للحل السلمي ، وتطبيق القرار الدولي 2253 ، والذي يعتبر أحد أبرز بنوده تشكيل هيئة حكم انتقالي ، وإجراء انتخابات نيابية ورئاسية ، ووضع دستور جديد للبلاد .
لكن على ما يبدو أن الثمن الذي سوف يدفعه الشعب السوري لإحداث هذا التغيير سوف يكون كبيرا ومكلفا ، ولا يتوقف الأمر عند التنازل عن الأرض في هذا المجال ، بل إن الحديث يجري عن تقسيمات جديدة لسوريا ، تكون فيها الدولة المركزية ضعيفة ومهلهلة ، بحيث تخدم استمرار النزاع بين أقطابها ، وبما يسمح باستمرار التدخل والوصاية الدولية .