وكالة قاسيون للأنباء
  • الخميس, 26 ديسمبر - 2024

العنــــــف الأســـري في زمــن الكــــورونا ـ الجـــزء الثـانـــــي*

العنــــــف الأســـري في زمــن الكــــورونا ـ الجـــزء الثـانـــــي*

 قاسيون ـ نعمت بيان

في 25 تشرين الثاني/ نوفمبر من كل عام يحي العالم ذكرى اليوم العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة. ولكن للأسف لم تُسفر كل الإجراءات التي أقرّتها وتتبعها المنظمات الأممية لحقوق الإنسان من أن تنهي حالة العنف الذي تمارس ضدّ النساء والفتيات في شتى أنحاء العالم ولو بنسب متفاوتة.

 اما المستجد خلال هذا العام (2020) هو جائحة كورونا التي الزمت الناس في كافة أرجاء العالم الى المكوث في المنازل لفترات طويلة. هذا المكوث الذي أنتج زيادة متنامية في العنف المنزلي الذي طال النساء والفتيات بشكل خاص في معظم دول العالم نتيجة الحجر المنزلي من جراء وباء كوفيد -19. وحصة المرأة العربية كانت اكبر نتيجة عوامل عديدة، إقتصادية واجتماعية وتربوية وثقافية كبلّت الأسر في حجرها المنزلي، فكان العنف احد عواقبها القاسية.

في مقالنا هذا نتابع تسليط الضوء ما بدأناه في مقالنا السابق (الجزء الأول) على العنف المنزلي الذي يطال الأسرة عامة" والمرأة خاصة في بعض الدول العربية.

-في الأردن تزايدات حالات العنف الأسري ضد المرأة خلال جائحة كوفيد-19، حيث ارتفعت جرائم القتل الأسرية بحق الإناث منذ بداية جائحة كورونا وفق تقارير مؤسسات المجتمع المدني في الأردن. وبلغت نسبة ارتفاع حالات العنف 33% منذ بداية 2020 خلال فترة الحظر الشامل مقارنة مع نفس الفترة من عام 2019، وفق ما أعلنته إدارة حماية الأسرة. وقد أكدّت الأمينة العامة للمجلس الأعلى للسكان في الأردن ، عبلة عماوي، في بيان بمناسبة اليوم العالمي للقضاء على العنف ضدّ المرأة، "أن 46% من السيدات و69 % من الرجال يعتقدون أن ضرب الزوجة له ما يبرره". وأضافت عماوي أن وتيرة العنف المُمارس ضدّ النساء، اشتدت منذ تفشي فيروس كورونا، حيث ارتفعت معدلات العنف الأسري بسبب التعايش القسري والعزل الكامل مع المُعنِف ، إضافة الى محدودية خدمات الحماية من العنف وصعوبة الوصول اليها.

وتشير جمعية "تضامن" إلى أن من بين 100 زوجة، 26 تعرّضن للعنف الجسدي أو الجنسي او العاطفي من قبل أزواجهن، مقابل ذلك كل 100 زوج فإن زوجا" واحدا" تقريبا"، تعرّض للعنف الجسدي من قبل زوجته. الأمر الذي يدعو إلى نبذ العنف ضدّ الذكور والإناث على حدّ سواء، مع التأكيد على أن الإناث يتعرضن له أضعاف ما يتعرضه له الذكور، مما يرتب آثارا" جسدية ونفسية واجتماعية تلازمهن مدى الحياة.

وتؤكد " تضامن" أن النساء لن يملكن الخيارات ولن تُتاح أمامهن فرص النجاة من العنف الأسري ما لم يتخلصن من ثقافة الصمت، وما لم تتحمل الجهات المعنية مسؤوليتها الكاملة في الوقاية والحماية والعلاج والتأهيل، على كافة المستويات التشريعية والإجرائية والإيوائية، وعلى مستوى السياسات في المجالين الخاص والعام.

-اما في سوريــا فقد تقاطعت أزمات الحرب والنزوح مع جائحة كورونا لتلقي بثقلها على الأسرة بشكل عام والمرأة بشكل خاص، حيث تركت الجائحة تأثيرا" كبيرا"على وضع المرأة الإجتماعي والإقتصادي، ووضعها داخل أسرتها. حيث أن المرأة مضطّرة للقيام بمهام مضاعفة ضمن الأسرة . وجاءت جائحة كورونا لتزيد الوضع قساوة على المرأة. فهي عليها القيام بواجبات المنزل والإهتمام بالأولاد وكبار السن وتأمين سبل العيش في ظل ظروف حياتية لا تتوفر فيها ادنى الشروط الصحية أضافة الى انعدام الأمن في المواقع التي تعيش فيها، وعلى عدم توافر الرعاية الصحية وشبكات الدعم وإمكانية الوصول اليها. وقد أشارات منظمة الصحة العالمية إلى ان " الأنظمة الصحية الهشّة في سوريا قد لا تمتلك القدرة على إكتشاف الجائحة والإستجابة لها". ويشير تقرير لتحالف " نحن هنا" وهو تحالف بين منظمات المجتمع المدني السوري، إلى ان السكان السوريون يشعرون بأنهم محاصرون بين سندان الحرب ومطرقة الخوف من كورونا، والذي يعتبره السوريون بأنه " طريقة جديدة للموت". فمن نجا من الهجمات الكيماوية والقصف والتجويع والحصار والتهجير االقسري , اصبح تحت مقصلة جائحة كورونا ومضاعفاتها نتيجة المكوث في المنزل لفترات طويلة، فهي اصيحت اشبه بكابوس يومي ، خاصة للمرأة، التي تتعرض للتعنيف من قبل الزوج، كما ذكرت إحدى السيدات لصحيفة " الحل نت" ، حيث قالت "كان زوجي يقضي معظم أوقاته خارج البيت، وكان هذا الأمر مفيد لي، لأنه يجنبني التعرّض للعنف بشكل مستمر، وبعد إنتشار فيروس كورونا صرت أتعرض للعنف بشكل يومي ، وأحيانا" أمام أطفالي". هذه الحالة من العنف المنزلي سائدة في معظم الأسر السورية وخاصة في ظل الوضع الراهن الذي ضاعف من ممارسة العنف.. وقد وثق صندوق الأمم المتحدة للسكان، خطر انتشار الأشكال الأكثر شيوعا"من العنف الجنسي والعنف القائم على النوع الإجتماعي في جميع أنحاء سوريا، كالعنف المنزلي والعائلي وزواج القاصرات. أما الأطفال فلم يكونوا بأفضل حال ، فهم عرضة للتعنيف وسوء المعاملة المتمثل بالضرب الجسدي والحرمان من التعليم ، زجهم في العمل، إضافة الى فقدان الرعاية الأسرية نتيجة الموت أو الهجرة أو النزوح أو الإعتقال. هذه الاوضاع تركت آثار مدمرة نفسيا" وصحيا" واقتصاديا"واجتماعيا" على الأسرة في المجتمع السوري .

-أما اليمـــن ، فليس الوضع الأسري بأفضل حال، لأن االبلد قد استنزفته الحرب المستمرة منذ سنوات ودمرّت إقتصاده وبنيته الصحية والإجتماعية ...، ولاقته جائحة كوفيد-19 لتزيد وتضاغف من تعرّض النساء والأطفال لأشكال عدّة من العنف الأسري. وتعتبر منظمة العفو الدولية إن اليمن من اسوأ البلدان في العالم للنساء حيث ذكرت في تقرير لها تحت عنوان " الجانب المظلم لليمن ، التمييز والعنف ضد النساء والفتيات"، إن النساء في اليمن تتعرضن للتمييز المنهجي والعنف المتفشي، مع ما ينجم عنهما من عواقب وخيمة على حياتهن. وتتعرض حقوقهن للإنتهاك بشكل إعتيادي لأن القوانين اليمنية والممارسات القبلية والعرفية تعاملهن على أنهن مواطنات من الدرجة الثانية".

وقد فاقمت جائحة كورونا من الأزمة الإنسانية في اليمن التي تُعتبر من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم. حيث شكّل الحجر المنزلي بيئة خصبة لممارسات عنف ذكورية داخل الأسرة، كممارسة الأخوة التعنيف اللفظي والجسدي على أخواتهن دون أي رادع من الأهل لحماية بناتهم. أيضا" الضائقة الإقتصادية والبطالة كانت حجة للأزواج لممارسة العنف على زوجاتهن، كما ذكرت إحدى السيدات المعنفات "مررنا بأزمة إقتصادية خانقة عجزنا خلالها عن توفير متطلبات الحياة الأساسية، وكان زوجي يزيد من معاناتنا حيث هو دائم الصراخ ويعتدي عليّ بالضرب المبرح إذا لم أوفر الطعام".

وقد ذكرت الكثيرات من النساء المعنّفات لمجلة "المدينة"، أنهن عانين من زيادة العنف المُمارس ضدهن من قبل الرجال في نطاق الأسرة. وهو الأمر الذي كان له إنعكاسا" سلبيا" على صحتهن الجسدية والنفسية وتضاعف شعورهن الدائم بإنعدام الأمان، حيث تم تقليص الخدمات المقدمة لضحايا العنف من قبل المؤسسات المعنية بسبب انتشار جائحة كورونا، واصبح من الصعب على النساء اللجوء الى طلب الدعم عند تعرضهن للعنف. وقد أغلقت العديد من المساحات الآمنة الخاصة بتقديم الدعم للنساء في اليمن منذ بداية الجائحة في شهر اذار/مارس الماضي . وقد أعيد فتح أبوابها في شهر حزيران/يونيو مع الإلتزام بالتباعد الإجتماعي ، لتستقبل إحدى المساحات الآمنة التابعة لمنظمة ديم للتنمية في منطقة الحوبان أكثر من مائتي امرأة تعرضن للعنف جراء الحجر المنزلي. حيث تم تقديم الدعم النفسي والتوعية لهن بالإضافة الى تدريب العديد منهن على المهارات والأشغال اليدوية.

- في تونــس، أطلقت منظمات نسائية صفارات الإنذار بسبب ارتفاع معدلات العنف الزوجي المسلط على المرأة توازيا" مع فرض السلطات حجرا" صحيا" عاما" كإجراء وقائي للحد من تفشي وباء كورونا. وقد عبرت وزيرة المرأة والأسرة أسماء السحيري عن قلقها بسبب تضاعف معدل العنف المسلط على النساء خمس مرات مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، وذلك في ظل تلقي الوزارة شكاوى من نساء معنفات وأطفالهن. كما أكدت رئيسة مصلحة مقاومة العنف ضدّ المرأة في الوزارة دجلة القاطري للجزيرة نت، أن الوزارة خصصت ثمانية مراكز إيواء للنساء ضحايا العنف الزوجي برفقة أطفالهن. وقد اطلقت جمعيات نسائية حملة تضامنية مع النساء المعنفات، حيث اعتبرت إحدى الناشطات ان النسااء بتن الحلقة الأضعف والأكثر تضررا" نفسيا" وجسديا" من جراء الحجر الصحي الذي فرضته السلطات للوقاية من انتشار وباء كورونا. وان هناك ارتفاعا" مطردا" في عدد الشكاوى والبلاغات الخاصة بحالات العنف . وبالتوازي مع الحجر الصحي في تونس، كان هناك نداء من قبل رئيسة الإتحاد الوطني للمرأة التونسية راضية الجريبي إلى الأطباء ومختصي علم النفس ورجال القانون للإنخراط بعمل طوعي لتخفيف منسوب التوتر وتقديم الإستشارات القانونية للمواطنين بشكل مجاني.

-أما في الجـزائـــر، فالأسرة تعيش إرتفاعا" ملحوظا" في نسبة العنف الأسري ولأسباب متعددة، جزء منها محكوم بتقاليد تكرّس هيمنة وسلطة الرجل على المرأة، إن كان أب أو اخ أو زوج. وقد وثقت منظمة هيومن رايتس ووتش حالات عنف جسدي ونفسي ، كضرب النساء بشكل مُبرح تسبب في كسور في الأضلاع والأسنان والجمجمة وغيرها من الأضرار الجسدية والنفسية. ومع بداية جائحة كورونا توسعت دائرة العنف بين أفراد الأسرة الجزائرية خاصة إزاء النساء والأطفال الذين باتوا عرضة لكل أنواع التعنيف جراء الحجر المنزلي، نتيجة الظروف الإقتصادية القاهرة المترتبة على إجراءات مكافحة الجائحة. وقد بينت النداءات الى الجمعيات والمنظمات الحقوقية لنساء يطلبن النجدة لهن ولأطفالهن عن حجم العنف التي تتعرض له العائلة نتيجة مواجهة فيروس كورونا. وقد دُقّ ناقوس الخطر حول تزايد العنف الأسري الذي تُعد المرأة أولى ضحاياه وبعدها الأطفال؛ حيث تؤكد رئيسة شبكة " وسيلة" للدفاع عن حقوق المرأة، رقية ناصر ، ان الحجر المنزلي حوّل حياة بعض النساء لجحيم، بعد ان اصبحن عرضة للعنف الجسدي واللفظي والنفسي مشيرة في حديث لها الى صحيفة كيوبوست، الى ان الشبكة تستقبل ما معدله 70 مكالمة اسبوعا" من نساء يشتكين تعرضهن الى التعنيف من أزواجهن، الذين فقدوا وظائفهم ووجدوا انفسهم تحت ضائقة إقتصادية ومعيشية تسببت في زيادة الضغوط النفسية التي دفعت بدورها الى العنف العائلي المرفوض والمنبوذ تحت أي تبرير . وقد ادّى إنشغال السلطات بمواجهة كورونا الى التجاهل في الإهتمام بموضوعات مترتبة على انعكاسات الحجر المنزلي . وتعترف وزارة التضامن الوطني وشؤون المرأة بأن الأرقام المقدمة لا تعكس ما يحدث على أرض الواقع، وأن هناك كثيرا" من المعنفات لا يصرحن بالعنف لإعتبارات عديدة منها إجتماعية وثقافية. ومع إن القانون ينض على حماية النساء من العنف، إل أنه يفتقر لأحكام إصدار أوامر حماية والتي تعتبرها " هيئة الأمم المتحدة للمساواة بين الجنسين وتمكين المرأة " من أكثر الوسائل القانونية فعالية للناجيات من العنف الأسري، على سبيل المثال، يُمنع المعتدي من الإتصال بالضحية أو الإقتراب لمسافة محددة، أو يُجبر على الإنتقال من المنزل الذي يسكنه والضحية. كما يفتقر القانون الى التوجيهات اللازمة للشرطة حول كيفية التعامل مع قضايا العنف الأسري. فمن ـأبرز العوائق عند تقديم الشكوى هو سلوك الشرطة الغير مشجع لضحايا العنف الأسري الذي يحاول على ثني النساء عن تقديم شكوى.

ولن تتوقف حالة العنف الأسري إذا لم تتحرر المرأة من الصمت لإعتبارات تتعلق ببعض التقاليد والأعراف البالية. كما على دولة الجزائر أن تكون تشريعاتها وقوانينها المتعلقة بالعنف الأسري شاملة ومتوافقة مع المعايير الدولية.

-في المغـــرب، اطلقت العديد من المنظمات النسائية تحذيرات من تزايد وقائع العنف ضدّ النساء خلال الحجر الصحي المفروض لمنع إنتشار فيروس كورونا في البلاد. وقد وجهت هذه المنظات رسالة الى وزارة التنمية الإجتماعية والمساواة والأسرة في المغرب ذكرت فيها إن "معدّل العنف تجاه ىالنساء جدّ مرتفع، وستزداد وتيرته تصاعدا" بسبب حالة التوتر التي بدأت تظهر داخل الأسرة نتيجة الضغوط النفسية المرتبطة بوضعية الحجر الصحي". ولفتت الى تسجيل "حالات عدّة استغّل فيها الأزواج الحجر الصحي من أجل ممارسة الضغط النفسي والإكراه الجسدي لإجبار زوجاتهم على التخلي عن حقوقهن" ، مذكّرة إن العنف الأسري يمثل 52 % من حالات العنف ضدّ النساء وإن المنزل اصبح من أكثر الأمكنة خطرا" على النساء، بحسب المعطيات الرسمية. وقد اعتبرت رئيسة "شبكة إنجاد ضدّ عنف النوع" نجية تازروت في حديث لصحيفة "العربي الجديد"، إنه "حين يلتقي الفقر والقهر والجهل والهشاشة ويُضاف اليها الحظر والحجر الصحي، فإن كل أشكال العنف تحدث، وتبقى النساء الحلقة الأضعف في هذا الوضع الحرج". وتضيف تازورت إن التقارير والدراسات تفتقر الى تحديد الأرقام ،لأن النساء يجدن صعوبة في التبليغ أو الحديث عنه، موضحة الى أن النساء المعنفات بمعظمهن يضطررن بسبب الظروف الإجتماعية القاهرة الى تقبّل الوضع كون الزوج هو المعيل الوحيد للأسرة.

 وقد أعلنت وزارة التضامن والتنمية الإجتماعية والمساواة والأسرة عن إتخاذ تدابير كمحاولة لطمأنة النساء المعنفات والجمعيات المعنية، من هذه الإجراءات إطلاق عملية الدعم المالي لمبادرات الجمعيات وشبكات مراكز الإستماع، من مواكبة النساء في أوضاع صعبة في هذه المرحلة الحرجة. وتجدر الإشارةإلى ان المغرب تبنّى قانونا" لمكافحة العنف ضد النساء يشدد الغقوبات في بعض الحالات حيث ينصّ على آليات للتكفل بالنساء ضحايا العنف، غير أن الجمعيات النسائية تعتبره غير كاف.

-في مصـــر لم يختلف الوضع عنه في سائر البلدان العربية التي تضررت من جراء جائحة كورونا. فقد أفاد إستطلاع للمركز المصري لحقوق المرأة، بالتعاون مع المجلس الوطني القومي للمرأة، أن 72% من النساء قد انخفض دخل أسرهن وأن الجائحة قد تسببت في مضاعفة المشاكل الأسرية، حيث اشتكت 33 من النساء ازدياد المشاكل الأسرية و11 من عنف الأزواج ، كما أفاد الإستطلاع أن النساء يمثلن 70% من العاملات بالخطوط الأمامية في القطاع الصحي، في مجالات التمريض والنظافة وتجهيز الأطعمة على وجه التحديد، ما أدى إلى لتغيير أنماط الحياة وازدياد معدلات العنف بكل مروّع في الأسرة ومجال العمل على السواء، بحسب ما توصلت إليه نتائج الإستطلاع الذي نشرته صحيفة "للعلم". وقد وصلت نسبة البلاغات التي قدمتها النساء لأكثر من 70%، وقد ادّى وقف أعمال السلطات القضائية وإغلاق المحاكم بكافة دوائرها من جراء الحظر الى مضاعفة العنف الأسري .

-الســــودان، أوضح مسؤولون في الأمم المتحدة أن معدلات العنف ضد النساء السودانيات في تزايد مستمر ، خصوصا" ضد الناشطات في العمل الإجتماعي والسياسي، إذ يتعرضن للتعذيب وحلاقة الشعر والإعتقال التعسفي لفتراة طويلة، بينما يتعرض بعضهن للإغتصاب. وشهد إقليم دارفور أخطر أنواع العنف الجسدي ، " الإغتصاب"، فعانت المرأة من التهميش والتحرش من قبل قوات، بعضها نظامية. ولم يقتصر العنف ضد النساء السودانيات على هذه الأشكال فحسب، بل امتد ليشمل العنف الأسري الذي يحرم الفتاة من التعليم ويزوّج القاصرات من دون موافقتهن، إلى جانب التحرش اللفظي في الشارع العام والمؤسسات التعليمية ومكاتب العمل ،حسبما اورد تقرير الى صحيفة الأندبندت.

ولكن بعد سقوط نظام الرئيس السابق عمر البشير، أطلقت وزيرة الرعاية الإجتماعية السودانية لينا الشيخ حملة لمناهضة العنف ضدّ النساء، في خطوة تشير إلى جهود ملموسة لرعاية النساء والإهتمام بهن ومكافحة كل القيود المجتمعية التي تحيط بهن والقضاء على تعنيف السودانيات اللواتي يتعرضن الى عنف كبير جسديا" ولفظيا" وجنسيا".

-ليبــيــــــــا، تعيش النساء في ليبيا أوضاع استثنائية، فمن ويلات الحرب الدائرة على أرض ليبيا، إلى مخاوف جائحة كورونا الصحية، هناك حروب دفينة ومستمرة هي في طي الكتمان ( حرب العنف المنزلي الصامت)، هذا الوجع الذي يتجاهله الجميع . وقد تم التبيلغ عن حوداث تعنيف منزلي وقتل متعمد من قبل عائلات وأزواج الضحايا حتى قبل حلول جائحة كورونا والتي كانت عاملا" مساعدا" على زيادة حالات العنف في ليبيا. وهذا النوع من الجرائم بات رائجا" بشكل كبير ضمن المدن والقرى الليبية، الأمر الذي لم يتم حصره من قبل منظمات المجتمع المدني أو من الجهات الحكومية، وفي أغلب الأحيان يتم التكتم عنه وتجاهله، أو يتم تقديم حجج ودوافع لتبرير فعلة الجاني أبعد ما تكون عن المنطق. وفي إتصال أجرته صحيفة قنطرة بوزارة الشؤون الإجتماعية الليبية في طرابلس والتي وحسب ما ذكرت الصحيفة إن المكتب المعني بتلقي الشكاوى داخل الوزارة لم يكن لديه أية بيانات أو إحصاءيات حول هذا الموضوع. ولم يصدر أي حكم واضح بحق الجناة ، فهناك نوع من المجاراة لأهالي الضحايا والتماس أعذار غير منطقية للمذنبين مثلا" كالقضاء والقدر، ويتم العفو عن الجناة كونهم ممسوسين وغير عاقلين في تصرفاتهم وهم جنود وحماة الشرف لزوجاتهم، إضافة الى غض الطرف المتعمد من قبل الإعلام والصحافة. فالنساء المعنفات يعتبرن ان لا ضامن قانوني أو اجتماعي لهن. وحسب تصريح للناشطة الحقوقية والمستشارة القانونية، خديجة البوعيشي، إن الدولة الليبية لا توفر أماكن إيواء للنساء المعنفات، كما أن الدعم النفسي والإجتماعي الذي تقدمه منظمات المجتمع المدني لم يعد كافيا"، بل أصبح الوضع أكثر سوءا" نظرا" لتواجد هؤلاء النسوة مع مصادر تعنيفهن في البيت على مدار الساعة في ظل إجراءات الحجر المنزلي وحظر التجول في ليبيا.

-دول الخليج العربي، انه من الصعوبة توثيق حالات العنف الأسري بشكل دقيق في بعض دول الخليج العربي نتيجة التعتيم على هذا الموضوع وعدم السماح للنساء المعنفات بالتبليغ ، لأنه يُعتبر عار على العائلة وسمعتها. ومع هذا نشرت منظمة هيومن رايتس ووتش تقارير عن حالة العنف المنزلي في السعودية، التي تٌعد من اكثر دول الخليج العربي تعتيما" على موضوع حقوق الإنسان وخاصة موضوع العنف الأسري. فلا توجد إحصاءات يعوّل عليها بشأن العنف الأسري في السعودية، ومن المرجح أن الأغلبية العظمى من الحالات تمر دون الإبلاغ عنها، نظرا" لعزلة الضحايا وصعوبة الإبلاغ . إن مواقع التواصل الإجتماعي شكلت فسحة للتبليغ للنساء التي تتعرضن للتعنيف، كسيدات وعاملات منازل تعرضن للإغتصاب. وقد شهد العام الحالي زيادة ملحوظة بممارسة العنف الأسري بلغ نسبة 23% مقارنة مقارنة بالعام المنصرم ، منها 366 قضية عنف زوجي فضلا" عن قضايا العنف ضدّ الأطفال. وقد أرجع العديد من المختصين أسباب هذه الحالة الى العادات والتقاليد الإجتماعية البالية، إضافة إلى ضعف الوازع الإخلاقي والديني، فضلا" عن قصور إجتماعي في نشر ثقافة مكافحة العنف من قبل أئمة وخطباء المساجد والدعاة والمصلحين الإجتماعيين، إلى جانب القصور من قبل الجهات الرسمية المعنية بتنفيذ القوانين والأنظمة التي لها علاقة بهذا الموضوع.

 دبي – الإمارات العربية المتحدة، فقد أقرّت السعودية(CNN) وحسب ما نشر موقع

حزمة من العقوبات بحق المعتدين على المرأة جسديا" أو نفسيا" أو جنسيا"، وذلك في إطار حظر جميع أشكال العنف ضد النساء، وتشكل رادعا" لمن يستغل رابطته الأسرية أو علاقة إعالة أو كفالة أو وصاية أو تبعية معيشية، للإعتداء على النساء. وقد شهدت السنوات الأخيرة خطوات متقدمة ملحوظة على صعيد القوانين الخاصة بالنساء السعوديات، إذ سُمح لهن بقيادة السيارات والسفر دون موافقة ولي الأمر وغيرها من القوانين التي تصب في صالح النساء. ولكن منظمة هيومن رايتس ووتش إعتبرت انه يتعين على وزارة الشؤون الإجتماعية السعودية التنسيق مع وزارتي العدل والداخلية وغيرها من الوزارات المعنية في عملية صياغة اللائحة التنفيذية للقانون الجديد الذي اقرّته السعودية الذي يجرّم العنف الأسري، مع توضيح المسؤوليات المترتبة على الأجهزة الحكومية المختلفة في تنفيذ وإنفاذ القانون. وقد قال جو ستورك، القائم بأعمال المدير التنفيذي لقسم الشرق الأوسط وشمالي افريقيا في هيومن رايتسووتش: " أخيرا" حظرت المملكة السعودية العنف الأسري، لكن لم تقل بعد ما هي الأجهزة التي ستنفذ القانون الجديد الذي سيبقى حبرا" على ورق إذا لم تتوفر آليات فعالة للمعاقبة على العنف الأسري".

الخاتــــــمـــة

إذا" إن العنف الأسري ليس كغيره من أشكال العنف السائدة ذا النتائج السريعة ، بل إن نتائجه الغير مباشرة المترتبة على استخدام القوة غير المتكافئة داخل الأسرة تظهر على المدى البعيد ، حيث تحدث خللا" في البنية الأسروية من خلال نسف القيم، وإهتزاز في نمط الشخصية للأشخاص المعنفين ، بغض النظر من هو المُعنّف، حيث يؤدي هذا الإهتزاز إلى أشكال مشوّهة من العلاقات والسلوك وأنماط من الشخصية المرضية نفسيا" وعصبيا". وهذا يشكل حاجزا" في سبيل تحقيق المساواة والتنمية والسلام. فقد أصبح العنف المنزلي مسألة إجتماعية مقلقة في المجتمعات العربية والغربية على حد سواء ، ويجب التعامل معها باعتبارها مسألة أكبر وأشمل من حدود الأسرة، لأنها باتت تهدد الأمن والسلام الإجتماعيين للأسرة والمجتمع على السواء. فمن أجل حماية الأسرة التي هي الحجر الأساس في البنيان الإجتماعي، اصحبت الحاجة مُلحّة لإتخاذ إجراءات أكثر صرامة بحق مرتكبي العنف، من خلال سن قوانين تحاكم بموجبها الجناة، كما مطلوب تحرر النساء من الخوف من التبليغ عند حدوث التعنيف والخروج من حالة الصمت. إضافة إلى رفع الوعي المجتمعي عبر تخصيص برامج تثقيف وتوعية حول موضوع العنف، وتأمين مراكز آمنة للمعنفات بوجود أطباء ومعالجين نفسيين وإجتماعيين وتدريب العاملين فيها على كيفية التعامل مع الناجيات من العنف. وينبغي على قطاعات عديدة أن تتعاون وتعمل معا" من أجل التصدي للعنف، كقطاعات الخدمات الإجتماعية والصحة والتعليم والقضاء والإعلام وغيرها من القطاعات الحكومية والمجتمعية ، بالتعاون مع المنظمات الأممية المعنية بحقوق الإنسان، من أجل الوصول الى الهدف المنشود وهو توقف العنف بكل أشكاله.