وكالة قاسيون للأنباء
  • الجمعة, 19 أبريل - 2024

موسم الإساءة للإسلام والمسلمين *

موسم الإساءة للإسلام والمسلمين *

قاسيون ـ شادي شماع

يحتدم الجدل هذه الأيام ، حول الإساءة للإسلام في الغرب ، من خلال تصريحات الرئيس الفرنسي ، عن استمرار نشر الرسوم الكاريكاتورية المسيئة للنبي محمد "ص" ، وأن ذلك يندرج في إطار حرية الرأي والتعبير ، وفي المقابل فإن هناك قطاعا واسعا من المسلمين ، يرون أن ذلك ليس حرية تعبير ، وإنما تطاول على رموز دينية مقدسة ، يؤمن بها أكثر من مليار ونصف المليار مسلم ، وبالتالي يجب محاربتها ومقاومتها بالطرق السلمية ، بالإضافة إلى إفهام الغرب أن الدين الإسلامي لا يحض على العنف كما يروجون ، قياسا على نماذج عنفية محدودة ، وإنما هو دين يدعو للسلام والعدل والمساواة ، شأنه شأن جميع الديانات السماوية .

لكن في خضم هذه المعركة ، التي بدأ ينخرط بها رؤساء دول ، ولأول مرة ، فإن ذلك ينذر بتطور الخلاف إلى أبعد من حدود الحوار الديني ، وإنما قد يتحول الأمر إلى صراع سياسي ، وتصفية حسابات ، وهو ما يمكن ملاحظته من خلال انتقال الرسوم الكاريكاتورية لتطال رؤساء هذه الدول ..

مما لاشك فيه ، أن ذلك تطور خطير في النقاش ، ويعني بأن الطرف الآخر الغربي ، لديه مشكلة حقيقية ، ليس مع الإسلام والمسلمين فحسب ، وإنما مع الدول الإسلامية ، التي أصبحت تفرض وجودها على الساحة السياسية ، كقوة لا يستهان بها ، وتقف ندا قويا للغرب ، في مواجهة أطماعه ومخططاته الرامية لاستعباد هذه المنطقة وسرقة ثرواتها ، بدون أي مقابل ، بل وزيادة على ذلك ، فإنهم يجب أن يسيئوا لرموزها ومقدساتها الدينية ، دون أن يصدر أي ردة فعل عن هذه الدول ، بل تتقبلها بصدر رحب ، وبابتسامة عريضة ، بحجة حرية التعبير ..

على ما يبدو أننا مقبلون على مواجهة حضارية بأدوات عنفية هذه المرة ، وتنفيذا للمخطط الذي رسمه المفكر البريطاني ، صموئيل هنتغتون ، في مطلع التسعينيات من القرن الماضي ، عبر كتابه "صدام الحضارات" والذي تنبأ فيه بوقوع المواجهة الحتمية بين الإسلام والغرب ، بسبب ما يعتقده ، بأن الإسلام يحض على مقاومة الحضارة المسيحية بالعنف .. وهو يرى ، مثلما أعلنت الإدارة الأمريكية عقب سقوط الاتحاد السوفييتي في نهاية العام 1991 ، بأن الخطر القادم الذي سيواجهه العالم إنما هو الخطر الإسلامي ..

كما هو واضح ، فإن التجييش ضد الإسلام ، ليس وليد اللحظة الراهنة ، وإنما هو مشروع مخطط له منذ عقود ، وتعمل عليه بعض الدول الغربية بمنتهى الدقة والحرفية ، وببطئ شديد ، بحيث أننا يمكن أن نشاهد الرسم البياني لتصاعد الخطاب العدواني الغربي اتجاه الإسلام ، بدءا من صدور كتاب هنتغتون ، وما تلاه من أحداث 11 أيلول من العام 2001 ، ثم وصولا إلى الرسوم المسيئة للإسلام التي أول ما ظهرت في العام 2004 ، وغيرها من المواقف المتناثرة هنا وهناك ، والتي تشير إلى أن هناك شيء يطبخ على نار هادئة في المعامل السياسية الغربية ، اتجاه الإسلام والدول الإسلامية بالدرجة الأولى .

قد يتساءل البعض ، ما هو الموقف الذي يجب علينا أن نتخذه في هذه الحالة ، سواء كمسلمين أو دول إسلامية .. ؟

لا بد من التركيز على أن الغرب السياسي يختلف كثيرا عن الغرب الشعبي ، بحيث أن ما يطبخه الساسة ليس بالضرورة أن يوافق شعوبهم .. وبالتالي فإن المطلوب منا هو أن نستمر برسالتنا كمسلمين ، عبر التمسك بأخلاق الإسلام والنبي محمد "ص" ، فهو أكثر ما يزعج هؤلاء الساسة الغربيين .. لأنهم لا يريدون أن يروا المسلمين نموذجا يحتذى ، وتتأثر به شعوبهم ، وإنما يريدون شيطنة هذا الأخر ، تأليب شعوبهم عليه ، من أجل أن يصطفوا معهم في معركتهم الوهمية ضد الإسلام والمسلمين .

لذلك ، علينا أن لا نمنحهم هذه الفرصة ، وأن لا نندفع وراء التجييش السياسي لهذا الصراع ، بل ننحو أكثر للأفكار والأدوات السلمية الناعمة .. فهي مكمن قوة الإسلام ونفوذه الذي يخشوه .