موقف ترامب من الملف السوري بعد الانتخابات الحالية: فوز متوقع بين الأمل والقلق
تعدّ القضية السورية واحدة من أكثر الأزمات تعقيداً في القرن الحادي والعشرين، حيث عانت سورية لعقد من الزمن من قتل و تهجير من نظام الاسد أدى إلى تدمير هائل للبنية التحتية، وتشريد الملايين، وانقسام المجتمع الدولي حول كيفية التعامل مع هذه الأزمة.
ومن بين الفاعلين الرئيسيين في هذا الصراع، يُعتبر موقف الولايات المتحدة الأمريكية، وتحديداً إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب، من العوامل التي أثرت بشكل كبير على مسار الأزمة السورية. في هذا السياق، سيتناول هذا المقال موقف ترامب من الملف السوري بعد الانتخابات الحالية وفوزه المفترض، مستعرضاً ما إذا كان يمكن أن يكون منقذاً للشعب السوري أو أن الأمور ستزداد سوءاً، بالإضافة إلى كيف سيتعامل مع الميليشيات الإيرانية في سوريا، وموقفه من الوجود الأمريكي في البلاد.
أولاً، إذا ما ألقينا نظرة على سجل ترامب خلال فترة ولايته الأولى، نجد أنه اتخذ مواقف متباينة تجاه الملف السوري. ففي البداية، كان هناك تركيز كبير على محاربة تنظيم داعش، حيث تمت مواجهة هذا التنظيم الإرهابي بشن هجمات عسكرية واستهداف مواقعهم. ومع دخول المرحلة الثانية من ولايته، تغيرت الاستراتيجيات بشكل ملحوظ حيث أعلن ترامب عن سحب القوات الأمريكية من سوريا، مشيراً إلى أن الولايات المتحدة لا ينبغي أن تكون في حالة حرب بلا نهاية. هذا الإعلان أثار ردود فعل متباينة داخل وخارج الولايات المتحدة، حيث اعتبره البعض خطوة ضرورية لتقليل التدخل العسكري، بينما اعتبره آخرون إهمالاً للأمن والاستقرار في المنطقة.
أما بعد الانتخابات الحالية وفوز ترامب ، فإن السؤال الأساسي يبقى: هل سيكون ترامب منقذاً للشعب السوري؟ يحتمل أن يشهد الشعب السوري مجموعة من التحديات بشكل أكبر في الحالة التي لا يحقق فيها ترامب تحولاً جوهرياً في سياسته تجاه سوريا.
فالتحديات الإنسانية، مثل النزوح والدمار، تظل قائمة، ومن غير المرجح أن تعالج السياسة الحالية تلك المسائل بشكل فعّال. وفي الوقت ذاته، قد يلجأ ترامب إلى تعزيز وجوده العسكري في المنطقة إذا ما شعر بأن تهديد الميليشيات الإيرانية والوجود الروسي بات أكثر خطورة.
ثانياً، يجب تسليط الضوء على موقف ترامب من الميليشيات الإيرانية في سوريا. لطالما كانت إيران لاعباً رئيسياً في الصراع السوري، حيث تدعم النظام السوري وتقدم الدعم العسكري من خلال الميليشيات الموالية لها.
إذا ما استمر ترامب في موقفه المتشدد ضد إيران، فقد يشهد الملف السوري مرحلة جديدة من التصعيد، وربما يلجأ إلى تكثيف العمليات العسكرية ضد الميليشيات الإيرانية للحد من نفوذها. ومع ذلك، فإن هذا النوع من التدخل يمكن أن يأتي بنتائج عكسية، مما يؤدي إلى تصعيد الصراع بشكل أوسع وبالتالي فقدان السيطرة على الوضع.
أما بالنسبة لموقف ترامب من التواجد الأمريكي في سوريا، فإنه يعد مقاربة معقدة. ففي حال فاز ترامب مجددًا، فمن المحتمل أن يعيد التفكير في الوجود العسكري الأمريكي، خاصة بعد تلقيه دعمًا من بعض الدوائر التي ترى أهمية الاستمرار في وجود عسكري سليم يضمن مصالح الولايات المتحدة ويواجه التحديات الإقليمية. إن هذه الخطوة يمكن أن تغير مجريات الصراع، ولكنها أيضاً قد تواجه انتقادات داخلية ودولية تتعلق بسلامة الجنود الأمريكيين والمصالح الاستراتيجية.
في الختام، يبدو أن موقف ترامب من الملف السوري بعد الانتخابات الحالية مرهون بالعديد من العوامل، بدءاً من التحديات الإنسانية وصولاً إلى ديناميات القوى الإقليمية. ورغم أن هناك إمكانية لأن يكون ترامب منقذاً للشعب السوري من خلال تطبيق استراتيجيات قاسية ضد الميليشيات الإيرانية، إلا أن الآثار المحتملة لذلك قد تؤدي إلى تفاقم الأوضاع في سورية. بالتالي، يبقى على المراقبين أن ينتظروا كيف ستتطور الأمور ومعها مواقف ترامب التي قد ترسم ملامح جديدة للملف السوري.