وكالة قاسيون للأنباء
  • الأحد, 22 ديسمبر - 2024

حلب: مهد التاريخ ومدينة البؤساء

حلب: مهد التاريخ ومدينة البؤساء

تُعتبر حلب من أقدم المدن في التاريخ، حيث كانت مركزًا حضاريًا وتجاريًا، ولكنها اليوم تعكس مأساة إنسانية عميقة. منذ بداية الثورة السورية عام 2011، شهدت حلب تحولات دراماتيكية حولتها من مهد التاريخ إلى مدينة البؤساء، وسط صراع دموي لم ينتهِ بعد. هذه المدينة، التي كانت تنبض بالحياة، أصبحت تعاني من التهجير والفقر والعنف.


التحولات التاريخية وأثرها على السكان

منذ عام 2011، بدأت المدينة تشهد زيادة في البؤس، حيث تم تهجير العديد من سكانها الأصليين. هذه الظاهرة لم تكن مجرد نتيجة للصراع، بل كانت أيضًا جزءًا من سياسة النظام السوري التي تهدف إلى تغيير التركيبة السكانية للمدينة. حل محل السكان الأصليين الإيرانيون و الميليشيات الايرانية ، بالإضافة إلى الشبيحة الذين أصبحوا يتجولون في شوارع حلب، مما أدى إلى تفكيك النسيج الاجتماعي.


لقد أدى هذا التغيير إلى تفاقم الفجوة بين الطبقات الاجتماعية. اليوم، نجد أن السكان في حلب إما أغنياء جدًا أو فقراء جدًا، بينما الطبقة المتوسطة التي كانت تحمل المدينة على عاتقها، إما هاجرت إلى تركيا أو أوروبا، أو فقدت الأمل في العودة.


هاجس النظام السوري

تجلى هاجس النظام السوري في عدم رغبتهم في عودة النازحين إلى حلب. يبدو أن هناك سياسة ممنهجة تهدف إلى دفع ثمن لإيران مقابل استحلالها للمدينة. العديد من اللاجئين السوريين يترددون بين بيع ممتلكاتهم أو الاحتفاظ بالأمل في العودة إلى منازلهم، في حين أن الواقع على الأرض يعيق هذه العودة بشكل متزايد.


تتردد الأنباء بين الحين والآخر عن اقتراب المعارضة من حلب، ثم نسمع عن هيئة تحرير الشام أو قسد على الأبواب. هذا التناوب في الأخبار يثير تساؤلات حول جدوى هذه التحركات. هل هي مجرد دعاية، أم أن هناك تحركات فعلية على الأرض؟ هل حلب ستعود للمعارضة أم أن هذه الأنباء ليست سوى دخان بلا نار؟


التقاسمات الدولية

تتداخل المصالح الدولية في سوريا، مما يجعل الوضع في حلب أكثر تعقيدًا. هل هذه هي بداية نهاية النفوذ الإيراني في المدينة، أم أن الوقت لم يحن بعد لأي طرف للسيطرة عليها؟ إن ما يحدث في الساحة الشرق الأوسط ينعكس بشكل مباشر على الوضع في حلب، حيث يبقى مستقبلها غامضًا.


إذا كانت المعارضة تعتبر حلب أولوية، فإن السؤال يطرح نفسه: كيف يمكن أن تكون حلب قبل تل رفعت ومنبج وكوباني؟ هذه المناطق تمثل تهديدًا للأمن الشمالي، وبالتالي فإن الأولوية قد تكون لتأمين هذه المناطق قبل التفكير في حلب.


الأمن والتهديدات على الحدود

يعتبر الأمان في الشمال السوري أهم حاليًا من استعادة حلب. التهديدات اليومية من قسد تجعل من الضروري على تركيا وحلفائها التركيز على تأمين الحدود قبل التفكير في استعادة حلب. إن أي تحرك من قبل المعارضة أو القوى الأخرى يجب أن يأخذ بعين الاعتبار التحديات الأمنية القائمة.


مستقبل حلب

يبقى مستقبل حلب بعيد الأمد بالنسبة للمعارضة. إن الوضع الراهن يفرض على الجميع إعادة التفكير في أولوياتهم. بينما يتطلع السكان إلى النهاية، يظل الأمل في حلب متأرجحًا بين الأمل واليأس. يتطلع الكثيرون إلى العودة، لكن الواقع يعكس تحديات كبيرة.


إن حلب اليوم ليست فقط رمزًا للتاريخ، بل هي أيضًا رمز للبؤس والمعاناة. بينما يستمر الصراع، يبقى السؤال الأهم: هل ستعود حلب إلى سكانها، أم ستظل مدينة بلا هوية، تتقاذفها الأمواج السياسية والاقتصادية؟ كل هذه الأسئلة تبقى بلا إجابة، فيما يبقى الأمل في قلوب سكانها.

//