إيران: محور المقاومة أم مشروع تفتيت؟
تتردد في الأوساط السياسية والإعلامية مصطلحات مثل "محور المقاومة" و"الداعم الأول لفلسطين" عند الحديث عن دور إيران في المنطقة. ولكن، هل تعكس هذه الادعاءات الواقع الفعلي؟ في هذا المقال، سنتناول الدور الإيراني في الشرق الأوسط، ونتساءل عما إذا كان فعلاً محوراً للمقاومة أم مشروعاً له أهداف أخرى.
إذا نظرنا إلى الأحداث في العراق وسوريا واليمن، نجد أن الدعم الإيراني غالبًا ما يأتي على حساب استقرار هذه الدول. على سبيل المثال، التدخل الإيراني في العراق بعد الغزو الأمريكي عام 2003 أدّى إلى تفشي الفوضى الطائفية، مما ساهم في صعود تنظيمات مثل داعش. هل يمكن اعتبار تقديم الدعم للمقاومة الفلسطينية من خلال تدمير البلدان العربية الأخرى نوعاً من المساعدة؟ إن التدخل الإيراني في الصراعات الإقليمية يثير تساؤلات حول نوايا طهران الحقيقية.
يبدو أن المشروع الإيراني يتجاوز فكرة المقاومة ليبرز كصراع سني-شيعي. فلو كان مشروع إيران فعلاً هو دعم المقاومة، لكان من المتوقع أن نجد شعوب المنطقة متحدة حول هذا الهدف. ولكن الواقع يشير إلى انقسام عميق. في سوريا، على سبيل المثال، تم استغلال الصراع لتعزيز السيطرة الإيرانية، وليس لتوحيد الصفوف ضد الاحتلال. هذا الانقسام يعكس عدم قدرة إيران على تجميع القوى العربية تحت راية المقاومة.
على الرغم من التصريحات القوية من حركة حماس بعد السابع من أكتوبر، إلا أن الأفعال كانت محدودة. هل يمكن اعتبار التصريحات السياسية كافية لدعم المقاومة، في حين أن الجبهة اللبنانية، مثل حزب الله، شهدت تجارب عملية أكثر من مجرد الكلام؟ إن هذه الفجوة بين الأقوال والأفعال تثير الشكوك حول مدى جدية إيران في دعم المقاومة الفلسطينية.
عندما ننظر إلى ما تقدمه إيران في المناطق التي تسيطر عليها، نجد أن التركيز ينصب على بناء الحسينية بدلاً من المدارس أو المستشفيات. في دير الزور وحلب وحمص، لم نشهد مشاريع تنموية تساهم في تحسين حياة الناس، بل استمر الاستثمار في الرموز الدينية. هذا يشير إلى أن إيران تفضل تعزيز هويتها الطائفية بدلاً من تحسين الظروف المعيشية للسكان.
في النهاية، يبدو أن المشروع الإيراني يحمل في طياته أهدافاً تتجاوز فكرة المقاومة. فهو يهدف إلى تعزيز نفوذها الإقليمي على حساب الاستقرار العربي، مما يثير القلق حول مستقبل العلاقات العربية-الإيرانية. هل يمكن أن نعتبر إيران فعلاً محور المقاومة، أم أن مشروعها هو تفتيت الهوية العربية وتقسيم المجتمعات؟ هذا هو السؤال الذي يجب أن يشغل بال كل مراقب للأحداث في المنطقة.
إن التحديات التي تواجهها الدول العربية نتيجة للسياسات الإيرانية تعكس واقعًا معقدًا يحتاج إلى تحليل دقيق. من المهم أن نكون واعين لهذه الديناميكيات لنتمكن من فهم الأبعاد الحقيقية للصراع في المنطقة. إن تقييم الدور الإيراني يتطلب منا تجاوز الروايات السطحية والبحث في الأهداف الحقيقية التي تسعى إليها طهران.