وكالة قاسيون للأنباء
  • الخميس, 14 نوفمبر - 2024

في اليوم الدولي للتعليم التعليم في سوريا بين الحلم والواقع

في اليوم الدولي للتعليم التعليم في سوريا بين الحلم والواقع

فاق العقد من الزمن على طاحونة الحرب في شمال غرب سوريا تبددت الكثير من الأحلام على عتبات واقع مرير في كل مجالات الحياة لم يكن قطاع التعليم في معزل عن ضوضاء تلك الحرب اللعينة التي استنزفت الكثير من مقوماته حتى بات يترنح بين الموت والحياة . لقد خرج جيل بأكمله عن مقاعد الدراسة لم يكن رغبة لدى الكثيرين منهم بل مأساة كارثية فرضتها ظروف متعددة منها التهجير والقصف والفقر والبعد والشتات للوصول إلى أقرب نقطة تعليمية قد يضطر المرء لأجلها أن يقطع مشيا على الأقدام عدة كيلو مترات فتنهكه الرحلة وهو في بدايتها ويعجز عن إيجاد الوسيلة للوصول آمنا إلى مقعد الدراسة سواء بسبب تقلبات الطقس القاسية بردا أو حرا أو بسبب انتشار بعض الكلاب الضالة التي تنتشر في الطرقات مع ساعات الصباح الباكر, أو لانعدام القدرة على تأمين قرطاسيته . فماذا عن تدخلات أصحاب القرار في تلك المحنة ؟؟ إنها في جل صورها تدخلات خجولة لم تصل إلى المأمول لقد عدنا أدراجنا إلى صفوف الأمية مع ذاك الجيل البائس الذي تسرب عن التعليم رغما عن أنفه .

فلماذا لا نرنو إلى صحوة النجاة لالتقاط ما تبقى من رمق فينا علَ الحياة تدب من جديد ويبصر العلم نوره الحقيقي !!

كثيرة هي المحن والكوارث التي انهكت التعليم كلما نشأت محاولة لنجدته وقع في براثين محنة أكبر فمن قصف المدراس إلى كوفيد 19 إلى زلزال شباط مرورا بكل رشقة متفجرات بصاروخ أو غيره من يد غادرة لوثتها دناءة الفكر ودنو الهدف .

ترافقت كل هذه المعوقات مع في صعوبة في تأهيل الكوادر التعليمية اللازمة لأسباب تتشابه مع ما ذكر آنفا .

إن حوالي نصف مليون طفل في شمال غرب سوريا يفترض أن يكون على مقاعد الدراسة بشتى مراحلها . لا نجد إلا ما تقارب نسبته 56 % منهم موجودين فعليا في مضمار التعليم إذ نالت الظروف الاجتماعية والاقتصادية من ذويهم ما نالته نتيجة استمرار سنوات الحرب ,مما جعلهم يقبلون بفكرة تسرب أطفالهم من التعليم للبحث عن عمل أو حتى التسول لإيجاد ما يسدون به رمقهم أو عودا لتدفئتهم . فضلا عن انتشار وازدياد ظاهرة الزواج المبكر للقاصرات حيث أن غالبية الأسر وجدوا بتزويج بناتهم قبل إكمال تعليمهن مخرجا للخلاص من تكاليف النفقة عليهن فخرجوا بذلك من مأذق إلى مآذق. ولا ننسى بالطبع أن حوالي 11 % من المدارس في شمال غرب سوريا قد خرجت عن الخدمة وعلى الرغم من أن وزارة التعليم متمثلة بحكومة الإنقاذ في بعض المناطق الجغرافية في شمال غرب سوريا قامت بالإشراف على العملية التعليمية حيث مُولت بعضا من المدارس بمنحة مناهل لدفع عربة التعليم نحو الأمام مقدمة من الاتحاد الأوربي سعيا لدعم التعليم والنهوض به وكانت بعض المنظمات هي الراعية لها كإحسان وبنفسج وبيبول وغيرها . وفي مناطق جغرافية أخرى كانت الحكومة المؤقتة هي المشرفة على قطاع التعليم حيث ارتبطت مدارسها مباشرة بمديريات التربية والتعليم التركية. ولكل منهما كان هناك منهج معتمد موحد لكلا القطاعيين التعليميين العام والخاص .إلا أنه لكون هذا الدعم غير منتظم عادت تتأرجح دفة النجاة من جديد. مما جعل البعض من العاملين في قطاع التعليم يبحثون مجددا عن مصدر للعيش . ليواجهون قسوة الظروف ومرارة العيش وأطفالهم الجياع .ولعل أكثر الأطفال حرمانا من التعليم أولئك الذين يقطنون مع ذويهم في مخيمات النزوح التي انتشرت في شتى بقاع شمال غرب سورية فقد زاد عدد الأطفال المتسربين عن التعليم منهم عن 78 ألف طالب وطالبة تقريبا فكانت مشاريع التعليم حاجة ملحة لا بزخا ولا ضربا من الرفاهية . وهذا ما جعل العديد من المنظمات الإنسانية تسعى للعمل على إعداد برامج وتجهيز مدراس لإلحاق المتسربين من التعليم فيها كالمنتدى السوري و منظمة تكافل الشام حيث نجحت بإعادة الكثيرين منهم لمقاعد الدراسة .

وهذا ما يجعلنا نفكر بالحلول الأكثر جدية وعلى سبيل الذكر منها : وضع خطة خمسية سعيا لتقليص عدد الأميين الحديثين , إعادة المتسربين من التعليم لمقاعد الدراسة وتفعيل إلزامية التعليم حتى إتمام مرحلة التعليم الأساسي / الصف التاسع , تهيئة البنى التحتية للمدارس التي خرجت عن الخدمة لاستيعاب عدد أكبر من المتعلمين , تدريب كوادر تعليمية وتوفير دخل كريم لهم ليتمكنوا من أداء مهامهم التربوية والتعليمية على الوجه الأمثل . تأمين الاحتياجات المدرسية من قرطاسية وغيرها لكافة الطلاب والطالبات في مرحلة التعليم الأساسي , إقامة مدارس في كافة المخيمات . العمل على نشر التوعية باستمرار عن أهمية التعليم وارتباطه بكل مجالات الحياة على مستوى الأسرة والمجتمع معا .

 هذا ما نأمله في نهاية المطاف ليكون القطاع التعليمي بأولى المصاف لما يعكسه العلم والتعليم من بالغ الأثر للنهوض ببلدنا مجددا وصولا إلى عتبات حضارتنا الإنسانية الخالدة جيلا بعد جيل .

بقلم خلود شيحة

 قطاع الحماية – المنتدى السوري.