في اليوم العالمي للمرأة... "المرأة السورية مثال للصمود والقوة رغم تضاعف معاناتها"
إن الحرب التي بدأها نظام الأسد على الشعب السوري منذ إثنا عشر عاماً تركت على السوريين مآسي كبيرة، وتأثَّر المجتمع بشكل عام والمرأة السورية بشكل خاص من النزوح والإعتقال وفقدان المعيل إذ تحولت بالإضافة الى دورها كأم إلى أب أيضاً يتحمل المسؤولية الاقتصادية والاجتماعية والتربوية، فنسبة النساء اللاجئات بسبب الحرب 50,7% حيث يوجد 46 ألف و892 أرملة دون معيل حسب احصائية منسقو استجابة سوريا لعام 2020 وتلك الاحصائية في تزايد مستمر بالإضافة إلى إستشهاد ما يفوق ال30 ألف إمرأة خلال 12 عام، ومع كل ذلك استطاعت المرأة السورية في الشمال السوري من مواجهة هذه التحديات وأثبتت قدرتها على الصمود في وجه المصاعب التي خلفها الاجرام وكان همها البحث عن السبل الكفيلة لحماية أسرتها بعد غياب الأب والأخ والزوج والابن ،وكل ذلك كان دون وجود آفاق لحل تلك الأزمة .
فبعد أن بدأت المرأة السورية تعيش في حالة من الاستقرار الهش بعد سنوات من القصف والدمار والتهجير والتشرد، جاء الزلزال المدمر الذي ضرب سوريا وتركيا في مناطق تعتبر منكوبة أساساً بفعل اجرام الأسد على مدار 12عاماً.
ثوانٍ قليلة كانت كافية لحدوث كارثة إنسانية جديدة عائلات بأكملها رحلت عن الحياة ودُفنت معهم أحلامهم، صرخاتهم وأنينهم كان يُسمع تحت الأنقاض، وكالعادة ولم يكن مستغرباً تخاذُل المجتمع الدولي والأمم المتحدة والذي حال دون مساعدة فرق الدفاع المدني في إنقاذ تلك الأرواح العالقة تحت الأنقاض فأصبح الشمال السوري يعاني من أسوء أزمة كارثية في العصر الحالي، وقد وصفتها الأمم المتحدة بأسوأ كارثة إنسانية في سوريا وتركيا منذ 100 عام، وعلى الرغم من كل تلك التحديات أثبت السوريون خلال الأيام الأولى من الكارثة قدرتهم على الاستجابة التي تقوم على العامل الوطني بدون تخطيط مسبق وبإمكانيات بسيطة ومحدودة تظافرت بها جهود الدفاع المدني السوري والمنظمات الإنسانية السورية والمجالس المحلية العاملة على الأرض وأبناء المنطقة.
تلك الكارثة التي زادت العبء على كاهل المرأة في الشمال لم يمنعها من ممارسة دورها الفاعل في التكافل الاجتماعي وتقديمها مابوسعها لأبناء بلدها المنكوبين وتبرعها بأغلى ماتملك للمتضررين من الزلزال، فقد كانت في الصفوف الأولى ضمن الاستجابة الطارئة لتلك الكارثة، فكان لها دورها الفاعل في المشافي أو المشاركة في عمليات الإنقاذ ومساندة المتطوعين لمواجهة كارثة فاقت كل القدرات الممكنة في ظل المخاوف التي كانت تشعر بها على أسرتها خلال الهزات الارتدادية أثناء عملها خارج المنزل .
نعم، إن المرأة السورية التي استطاعت أن تستوعب قسوة الحرب هي ذاتها القادرة على تعويض عائلتها والنهوض بمجتمعها .
ففي اليوم العالمي للمرأة تستحق المرأة السورية في شمال غرب سوريا الحصول على وسام الشجاعة والقوة وأن يسلط الضوء عالمياً على صمودها وإيمانها ورغبتها في اختيار الأمل وعدم اليأس في مواجهة الشدائد.
إلا أنها تبقى بحاجة إلى الدعم والمساندة والاهتمام على المستويات النفسية والاجتماعية والاقتصادية فهي بشر ولها طاقتها التي ستنفذ يوماً ما،
مؤخراً ومع كارثة الزلزال المدمر وخيبة الأمل التي عاشها الشعب السوري من الدور السلبي الذي بدر عن الأمم المتحدة والمجتمع الدولي في ادخال المساعدات الإنسانية للمنكوبين بالإضافة إلى استمرار كابوس الستة أشهر الذي فرضه علينا مجلس الأمن الدولي في إدخال المساعدات الانسانية عبر معبر واحد فقط ، فمن المفارقات المؤلمة أن تصل المساعدات الانسانية بشكل كبير إلى المناطق التي يسيطر عليها النظام المجرم منذ اليوم الأول للكارثة رغم أنها تعتبر الأقل تضرراً من الزلزال، وتأخر وصولها لأكثر من 4 أيام إلى مناطق شمال غرب سوريا والتي تعتبر منكوبة بالكامل، وتسييس دخولها بشكل فاضح من قبل الأمم المتحدة ومؤسساتها.
أخيراً نناشد دخول تلك المساعدات عبر المعابر الحدوية خارج إطار مجلس الأمن إلى المناطق المنكوبة والتي أصبحت بؤرة لانتشار الأوبئة والأمراض مع نقص في المعدات الطبية بسبب الحرب وكارثة الزلزال الأخيرة فيجب على الأمم المتحدة عدم التقاعس وتفعيل دورها بشكل أكبر لادخال تلك المساعدات .
مع ضرورة تجهيز خطة طوارئ دولية مسبقة ذات تنسيق عالي ليكون العمل في حال حدوث أي كارثة سريعاً ومنقذاً للأرواح فالشعب السوري الصامد يستحق الحياة ويجب حمايته على كافة الأصعدة ،فحجم الكارثة كبير و التدخلات لاترتقي إلى مستوى تلك الكارثة المضاعفة.
جيهان مليشو عاملة حماية في مركز صديق الطفل في المنتدى السوري – إدلب