في اليوم العالمي لمكافحة العنف ضد المرأة....المرأة السورية قوية وعماد المجتمع السوري
قاسيون_رانيا ميداني
مع انتشار جائحة كورونا (كوفيد19) في نهاية العام 2019، عززت ظاهرة ممارسة العنف ضد المرأة في عدد من المجتمعات الأوروبية والعربية بشكل ملحوظ بسبب ظروف الحجر المنزلي و نتيجة استمرار الجائحة لفترة طويلة مع ظروف الضغط النفسي التي عانت منها معظم المجتمعات المحلية، بالإضافة إلى انتشار هذه الظاهرة بشكل ملحوظ في الدول الغير مستقرة أمنياً التي تواجه مجتمعاتها ظروفاً نمطية تكون بها المرأة هي الحلقة الأضعف دوماً، كسوريا والعراق والأردن ولبنان.
ومع ذلك تعتبر ظاهرة العنف ضد النساء ظاهرة عالمية تعاني منها جميع المجتمعات حول العالم، هي ليست حكراً على بعض الدول أو المجتمعات كما تصور بعض الحركات النسوية العالمية التي عليها أن تكافح بشتى الطرق في سبيل حصول المرأة حول العالم على حقوقها كافة بما ينسجم مع المجتمعات المحيطة بها.
في ظل المجتمعات التي تعاني من أزمات بصورة عامة، غالباً ما تعاني المرأة بدرجة أكبر من الرجل لكونها تواجه الواقع والمآسي المحيطة بها بظروف أكثر هشاشة بما أنها المخلوق الأضعف على سلم الحقوق والأقل امتلاكاً لمصارد القوة الاجتماعية.
في سوريا، واقع المرأة ليس أفضل فقد تأثرت بدون أدنى شك بكل العوامل السلبية التي واجهتها المنطقة عبر التاريخ، وهذه الظروف ليست مرتبطة بواقع الحرب منذ أكثر من عشر سنوات بل هي امتداد لفكر مجتمعي قديم يعتبر المرأة أقل أهمية من الرجل في معظم المجالات، وله حكم الوصاية عليها في العديد من القضايا، وهنا نؤمن أن مفهوم العنف لا يقتصر على الإيذاء البدني أو الجسدي وإنما يتسع مفهومة ليشمل سائر مظاهر ممارسة التمييز وحرمانها من حقوقها الإنسانية، وبالتأكيد العنف النفسي قد يكون أشد إيلاماً في الكثير من الأحيان بما يخص المعاملة وحسن الكلام وحقها بالتعليم والعمل والتساوي مع شريكها الرجل بفرص العمل على أساس الكفاءة وليس الجنس.
لم تنجح المنظمات والتجمعات النسوية السورية التي تصدرت المشهد السياسي مؤخراً حتى الآن في وضع تصور واضح لمكانة المرأة السورية ولم تستطع أيضاً أن تضع المرأة على السكة الصحيحة كشريكة إلى جانب الرجل، بل اكتفت بإطلاق الشعارات البعيدة عن توجه المجتمع وطريقة معاملته للمرأة السورية، وعمدت على رسم تصورات مستقبلية عن المرأة السورية بما يتطابق مع المجتمعات الغربية والأمريكية والتي قد لا تناسب قيم مجتمعنا ولا تنسجم معها وقد ترفضها المرأة السورية جملة ومضموناً بطبيعة الحال، وهنا لا بد من حث هذه المؤسسات على زيادة الاهتمام في قضايا المرأة المناهضة للعنف في جميع مراحل حياتها بشكل أكثر واقعية وقرب من المجتمع السوري وينسجم إنسجاماً كاملاً مع أخلاقياته الجيدة وتعزيزها كي لا تضع المرأة نفسها في موقع هجوم وإتهامات بنشر أخلاقيات غير مرغوبة أو محاربة من قبل المجتمع ككل، وذلك عبر بث الوعي بالقضية وشرح آثارها الاجتماعية والأخلاقية على حاضر ومستقبل سوريا، كذلك عبر تحديد الأدوات والآليات التي يمكن استخدامها لردع العنف ضد النساء ومنعه بشكل نهائي.
استطعنا في المنتدى السوري ومراكز تمكين المرأة المنتشرة في كل مناطق الشمال السوري وإدلبخلال سنوات من وضع اليد على الجرح وبدء عملية التداوي الفعّال في مجتمعات نحن مؤمنين أنها وصلت لمرحلة تحتاج إلى إعادة تأهيل شامل، ومن هذا المنطلق يجب على المرأة السورية أن تكون قوية بما فيه الكفاية وأن تضع لنفسها المكانة المطلوبة كأم ومربية وسياسية وعاملة تساهم في بناء المجتمع في مختلف المجالات.
لذا لا بد من تعزيز صمود المرأة السورية وقدرتها على التعامل والاستجابة الإايجابية لما تواجهه من أزمات مختلفة سواءً أمنية أو صحية أو مجتمعية.
ولن ننسى أن الرجل في المجتمع السوري هو الظل الذي تعتمد عليه المرأة مهما كانت قوية وقادرة، فعلى بعض أصحاب الفكر المتخلف مما ينادون بمنافسة الرجل أو تحقيره إعادة برمجة عقولهم، فهو شريك أساسي في السعي لتضمين قضية المرأة بشكل أساسي في التشريعات المستقبلية ونشر ثقافة المرأة القوية ومحاربة الجذور الثقافية لكل الممارسات المميزة والعنيفة ضدها.
الشاهد أنه لا بد من تكوين كوادر سورية في كل مناطق سوريا في مجال محاربة العنف بكل أشكاله والتمييز ضد المرأة، وتمكينها لتكون قادرة على نشر الوعي المجتمعي بالشكل المطلوب، ووضع سلم أولويات لبناء مجتمع سليم وذلك عبر حصول المرأة على جميع حقوقها الإنسانية في التعليم والعمل والمشاركة السياسية وعدم التمييز في أماكن العمل بالإضافة إلى العنف الموجّه ضدها في حالات النزاع والحروب، نحن نؤمن أن المرأة السورية قادرة على التغيير والبناء لأنها عماد المجتمع السوري الأخلاقي منذ أزل التاريخ وحتى اليوم.