وكالة قاسيون للأنباء
  • السبت, 23 نوفمبر - 2024

المرأة السورية والمكانة التي تستحق

المرأة السورية والمكانة التي تستحق

قاسيون_رانيا رمضان

معيار التغيير في أي مجتمع ينتج عادة عن مدى نجاح الأصوات التي تطالب به من كل الأفراد، وعادة ما يكون للتغيير أثر مباشر على البنى الاجتماعية والسياسية عامة، وبالتأكيد هناك أدوار كثيرة خاضتها النساء حول العالم ساهمن من خلالها في صنع التغيير في عدد من القطاعات المختلفة، وكانوا روادً لمجتمعاتهم في العمل في مجالات القطاع العام وصناعة الرأي والتأثير به، ووصلت في بعض البلدان النساء إلى مناصب قيادية على رأس الدولة والمجتمع واستطاعت أن تضع نفسها في خانة الناجحات والمؤثرات والعالمات، ليس في التاريخ الحديث فحسب بل عبر مراحل التاريخ منذ الأزل.

في الحالة السورية وفي ظل الثورة السورية، يمكننا أن نلاحظ الدور الفاعل الذي خاضته المرأة السورية منذ انطلاقتها، فقد شاهدناها في المظاهرات والاعتصامات في المقدمة دوماً في عدد من المدن السورية، بل كانت في بعض الأحيان المحرض الأساسي للرجال لدعوتهم للمشاركة في هذه النشاطات السلمية، فلم يكون دورها بالمشاركة الميدانية فحسب، بل كانت مخططة وداعية ورائدة في صفوف التنسيقيات وبذلن جهداً إعلامياً وحقوقياً لنقل حقيقية ما يجري من أحداث على الأرض للرأي العام العربي والعالمي.

وعلى الرغم من كل الصعوبات التي خاضتها من اعتقال وقتل وقصف وتضحيات مختلفة، بقين النساء السوريات مصرات على مواصلة العمل في الشأن العام إلى جانب الرجال ومواصلة الثورة، ومع وجود عدد من التحولات والمستجدات الميدانية التي حصلت على الأرض من الحراك السلمي إلى الحراك المسلح الذي فرض على الثوار بهدف الدفاع عن النفس، لم تكن هذه التحولات مخيفة للنساء لثنيهن عن المتابعة ودفعهم للعودة للصفوف الخلفية، بل كانت عامل مؤثر ودافع قوي لهن للتحول مع المستجدات والتطورات الجديدة، فكانت المرأة السورية هي الطبيبة والصحفية والمعلمة والعاملة في مجال الإغاثة والحماية والدفاع عن حقوق المعتقلين والمعتقلات.

ومع مرور السنوات التي أثقلت كاهل السوريين، عادةً ما تكون ظروف الحروب والأزمات تلقي بكاهلها على النساء والأطفال بشكل خاص، فيكونوا هم الأكثر استهدافاً ومعاناة بسبب طول مدة الأزمة، فقد تجد المرأة نفسها مع أطفالها في مهب الريح تواجه العديد من الظروف القاسية على مستوى المعيشة والأوضاع الصحية والمعاناة النفسية نتيجة فقدان الزوج أو الأخ أو العائلة، وقد تتجاوز معاناتها إلى أشكال أخرى مثل الاستغلال في العمل والأجور الزهيدة وصولاً إلى تعرضها للإهانة المباشرة والطرد من العمل.

المنظمات السورية اليوم ومراكز دعم وتمكين المرأة السورية تهدف إلى مراعاة المرأة في محاولةٍ للتخفيف من قسوة الحرب وآثارها على حياة النساء، وتحاول هذه المراكز من خلال الأنشطة التي تقوم بها إلى التخفيف من حدة أثار الحرب والظروف المعيشية التي تقع على عاتق المرأة من خلال توعيتها ودعمها ومساعدتها للنهوض بنفسها من جديد، حيث تركّز معظم هذه البرامج على ضرورة تأهيل المرأة وتمكينها لتعود لدورها الرائد الذي رسمته بنفسها في بداية الثورة، دون إحساسها بالضعف أو الحاجة بل هي قادرة أن تكون جزء أصيل وقوي في بناء المجتمع السوري كما كانت من قبل.

في بعض الأحيان تواجه النساء ظروفاً اجتماعية تتصادم مع أهدافها في تمكين نفسها وعودتها للحياة العملية، ولا نعرف ماهي المشكلة بنظر البعض في أن تتلقى النساء في مناطق الشمال السوري وإدلب الدعم والتدريب لتأهيلها وتمكينها في المجتمع، خصوصاً أنها الطرف الأكثر تضرراً في هذه المأساة التي يعيشها المجتمع السوري في فترة العشر سنوات الأخيرة، فهؤلاء النساء قد يكونوا معيلين ولديهم أسر مسؤولين عنهم، وقد تكون إحدى السيدات هي المعيل الوحيد لأسرة بأكملها، المفاجئ جداً أنه بعد كل هذه التضحيات التي تقوم بها النساء السوريات ومع مشاركتهم بالثورة السورية إلى جانب الرجال وتأثيرهم بالمجتمع منذ البداية بشكل إيجابي ، يُطلب منها في بعض الأحيان أن تنسحب من المشهد أو أن تتراجع للخلف تحت حجج مجتمعية وبعض الأفكار الجامدة التي ماتزال تقيد دور المرأة بأنها ربة منزل ولا تصلح لغير ذلك..

لا شك ان بعد كل هذه التضحيات والظروف الصعبة التي يعيشها السوريين ككل، لا بد أن يضع المجتمع النساء السوريات في مساحة أمان تليق بهن وبتضحياتهن ليكون لهن الدور الفعال في بناء المجتمع السوري، ويكونوا جزءاً من مستقبل سوريا الحرة، وعلى المؤسسات السياسية أن تدعم المرأة سياسياً ليكون لها الدور الذي تستحق بالتمثيل الذي يعبر عن تضحياتها.

بقلم: رانيا رمضان

 مركز دعم وتمكين المرأة في المنتدى السوري