وكالة قاسيون للأنباء
  • السبت, 20 أبريل - 2024

هل النظام السوري عاجز بالفعل عن تأمين الخبز لشعبه ..؟

هل النظام السوري عاجز بالفعل عن تأمين الخبز لشعبه ..؟

تبدو حجج النظام السوري التي يسردها عن التكاليف الباهظة التي يتحملها لدعم صناعة رغيف الخبز، واهية إذا ما علمنا بأن المتغير الأبرز الذي طرأ على هذه الصناعة خلال السنوات العشر الماضية، هو كمية الإنتاج من القمح، والتي انخفضت من أكثر من 2 مليون طن سنوياً، إلى نحو 500 ألف طن سنوياً، بينما تبلغ حاجة البلاد السنوية من أجل صناعة الخبز نحو مليون و200 ألف طن من القمح.. أي أن النظام بحاجة لاستيراد أقل من مليون طن قمح سنوياً.

أما المتغير الآخر الذي يتحدث عنه النظام، فهو المحروقات التي يزود بها الأفران بأسعار مدعومة.. وفي العموم هو لا يتطرق إلى هذا الأمر على أنه من أسباب عجزه عن دعم صناعة الخبز للسوريين، كون الكميات التي تحتاجها جميع الأفران في سوريا من المحروقات ولمدة عام كامل، تعادل حاجة السيارات ليوم واحد.

وبالعودة إلى الفكرة الأولى، يقول وزير التجارة الداخلية في حكومة النظام، عمرو سالم، إن تكلفة ربطة الخبز بوزن كيلو و100 غرام، التي تباع للسوريين بسعر مدعوم يبلغ 200 ليرة سورية، يصل على الدولة إلى نحو 1800 ليرة، أي نحو نصف دولار.. وهو رقم ألقى به الوزير "دوكمة" دون أن يذكر أي شيء عن تفاصيله، علماً أن الدولة تستحوذ على إنتاج 60 بالمئة من صناعة الخبز، والباقي يتم تغطيته من قبل القطاع الخاص، وذلك وفقاً لتصريحات سابقة لمدير المؤسسة العام للمخابز، الذي يدعى زياد هزاع.

وفي ذات التصريحات، يوضح هزاع، أن الأفران الحكومية تنتج يومياً 20 مليون رغيف خبز، بمعدل 2.83 مليون ربطة، والتي تحتاج إلى 2730 طن دقيق يومياً، فيما تنتج الأفران الخاصة باقي الكمية التي يحتاجها السوريون. وتبلغ الكمية الإجمالية لإنتاج كل من القطاع العام والخاص، نحو 5 مليون ربطة خبز يومياً، وفق مدير "المخابز".

وإذا قارنا هذا الرقم مع التكلفة التي أوردها وزير التجارة الداخلية، فهذا يعني أن سوريا بحاجة يومياً إلى 2.5 مليون دولار لإنتاج الخبز، وفي الشهر إلى 75 مليون دولار، وفي العام إلى 900 مليون دولار.

وفي حال طرحنا من هذا الرقم تكاليف بيع ربطة الخبز للمستهلكين، البالغة 200 ليرة سورية، فهذا يعني أن النظام يحصل يومياً على مليار ليرة، وفي الشهر 30 مليار، وفي العام 360 مليار ليرة من بيع الخبز.. ما يعادل 100 مليون دولار، أي في المحصلة يتحمل النظام سنوياً نحو 800 مليون دولار تكاليف صناعة الخبز.

لكن دعونا من جهة ثانية، نقارن هذا الرقم بأحدث تصريحات لرئيس وزراء النظام، حسين عرنوس، والتي أكدها وزير التجارة الداخلية ذاته، بأن تكاليف دعم الخبز تبلغ على الدولة أكثر من 5 تريليون ليرة سنوياً.. تخيلوا دعم وليس التكلفة الحقيقية الكاملة..!! أي نحو 1.38 مليار دولار.. وهذا يعني أن دعم ربطة الخبز يكلف الدولة أكثر من 0.75 دولار.. وهو رقم غير منطقي، حتى بمقاييس التكاليف في الدول الأوروبية الغنية..!

إذاً، ما الذي نريد الوصول إليه من العرض السابق..؟

أولاً، لنفترض أن النظام يستورد سنوياً، مليون طن قمح من روسيا.. ومعروف أن طن القمح الروسي، تتراوح أسعاره منذ أكثر من عام وحتى اليوم، بين 300 إلى 325 دولاراً للطن.. أي أن النظام بحاجة إلى نحو 350 مليون دولار لاستيراد القمح سنوياً.. وهو رقم صغير في موازنات الدول، ويشكل أقل من 10 بالمئة من فاتورة الاستيراد السنوية في سوريا، والبالغة 4 مليار يورو، بحسب بيانات وزارة الاقتصاد لعام 2021.

ثانياً، هناك حلقة مفقودة في الحديث عن تكاليف صناعة الخبز أو دعمه، وهو أن النظام يُغفل المناطق الخارجة عن سيطرته، في شرق الفرات وشمال غربي سوريا، والتي يعيش فيها كتلة سكانية تتجاوز الـ 7 مليون نسمة، وتتحمل الجهات المسؤولة عن إدارتها، تأمين حاجتها من الخبز، ولا يدفع النظام قرشاً واحداً هناك.

 ومن خلال متابعتنا لمناقصات شراء القمح السنوية في سوريا، لم نقع على رقم أكثر من 600 ألف طن سنوياً، والتي تبلغ تكلفة استيرادها نحو 200 مليون دولار فقط.. فهل النظام عاجز بالفعل عن دفع هذا الرقم سنوياً، لكي يجعل الخبز متاحاً لكل السوريين، وبدون بطاقة ذكية، وبدون تحديد كميات للاستهلاك وبدون رفع الدعم عن 600 ألف أسرة..؟!

يبدو أن الأمر، لا علاقة له بعدم قدرة الدولة على تحمل تكاليف دعم الخبز، وإنما هناك خطة من النظام لتجويع السوريين، وجعلهم يدورون في حلقة مفرغة، من أجل البحث طوال النهار عن تأمين حاجاتهم الغذائية فقط