وكالة قاسيون للأنباء
  • السبت, 23 نوفمبر - 2024

مسار آستانا ..جولة جديدة لاغتنام الفرص

مسار آستانا ..جولة جديدة لاغتنام الفرص

قاسيون_العقيد ياسر عبد الرحيم

تبدأ الاربعاء المقبل جولة جديدة من المباحثات السورية بصيغة آستانا في العاصمة الكازخية نور سلطان.

جدول الأعمال يتضمن بند أساسي إلى جانب مسار خفض التصعيد وملف، هو قرار إعادة إدخال المساعدات الإنسانية إلى سوريا لمدة ستة أشهر متواصلة أخرى، هذا القرار الذي يستفيد منه أكثر من أربع ملايين سوري مقيمين في الشمال السوري المحرر. ومهددين في حال إيقافه بمجاعة نتيجة الأزمة الغذائية العالمية ونقص الموارد الأساسية، وعدم وجود نقاط لإدخال مساعدات إنسانية.

هذه إحدى الملفات الهامة وهي حاجة ملحة يجب العمل عليها مع حلفائنا في مسار آستانا، والتأكيد على ضرورة تمديده بشكل أساسي.

قد يبدو للقارئ أن هذه المقدمة هي محاولة لتغيير النظرة السائدة عن مسار آستانا المستمر منذ عام 2017 بضمانة دولة صديقة هي تركيا ودولتين معاديتان للثورة هما إيران وروسيا والتي نعتبرهم دول داعمة للتنظيمات الإرهابية وإرهاب الدولة المنظم المتمثل بنظام الأسد،

أنني أسعى من خلال هذه المقالة شرح رؤيتنا ضمن الخيارات الصعبة المتاحة أمامنا، وفي الوقت نفسه نحاول توثيق الأحداث التي تمر بها ثورتنا المباركة.

هناك الكثير من المقولات والخبرات والفرص التي وجدناها في الطريق، لكن لم يكن لنا نصيب الاستفادة منها، ومنها تلك التي تربط "إبرام أعظم الصفقات مع العدو"، بطبيعة الحال لأن الصديق لا أحد يسعى لعقد صفقة معه.

وهنا يمكن أن نقول إننا في المعارضة السورية بشقيها العسكري والسياسي لم تتمكن من عقد مفاوضات جيدة مع أعدائنا سواء الروس أو الإيرانيون، تصل لمرحلة إبرام صفقة تحقق مطالب الشعب السوري، بينما كان تحالفنا مع تركيا هو تحالف تاريخي بين شعبين شقيقين لا يمكن الفصل بينهما.

مسار آستانا ما زال يمكن أن يكون الباب المفتوح للتفاهم على الملفات الآنية، إلا حين تبدل الظروف الدولية والإقليمية لمصلحة السوريين، كما أننا كسوريين ما زلنا بحاجة ماسة للاستمرار في مسار خفض التصعيد وطرح ملف المعتقلين الذي يعتبر من الملفات الفوق تفاوضية التي لا يمكن أن نتنازل عنها إطلاقاً ، بالإضافة إلى تمديد قرار إدخال المساعدات الإنسانية التي لطالما حاولت روسيا مراراً وتكراراً تعطيل قرارات مجلس الأمن من أجل استخدام الملف كورقة مساومة سياسية على طاولة المفاوضات في سياق الحرب على أوكرانيا.

مسار آستانا لم تكن نتائجه كما نأمل، ولكنه استطاع الحفاظ على ما تبقى من الثورة السورية بعد سقوط مدينة حلب، وخاصة في ظل تخاذل دول ما يسمى أصدقاء الشعب السوري، التي غلبت أقوالها على أفعالها، ولم تقم بأي حركة جادة من أجل تغيير واقع السوريين خارج سياق مجلس الأمن أو دعم الثورة بشكل منفصل لتحقيق أهدافها، خوفاً من مواجهة روسيا في معركة ليست معركتهم.

اليوم أمامنا كسوريين فرصة حقيقية في مسار آستانا، وعلينا أن نغتنمها لفك عقدة مستمرة عنوانها المساعدات الإنسانية، أما الحديث عن فتح معارك تحرير شاملة للأراضي السورية دون تحضيرات مسبقة وكافية ، فهو بعيد عن الواقع في ظل التشتت السياسي والعسكري والإغاثي والإعلامي والمدني للثورة السورية، وإلقاء التهم أسهل من العمل الجدي لإعادة التنظيم وبناء مؤسسات حقيقية تمثل بديلا ديمقراطيا حديثا للبلاد.

بعد 11 عاما من النضال في الثورة السورية، بات من المسلمات ومن الواضح لدى جمهور الثورة، أن قرار المعركة هو القرار الأخير، ويسبقه عمل وجهد وتحضير، لكننا في الوقت نفسه، نؤكد على أننا مستعدون لصد أي عدوان على أراضينا والدفاع عن أهلنا في المناطق المحررة، ولن نبخل بأرواحنا فداء لهم

أن رفض المسارات السياسية في جنيف وآستانا من قبل بعض الشخصيات والجهات السياسية، لم يعد أمراً منطقياً ممكن الحديث عنه أو نقاشه اليوم، فالمطالبة بالمقاطعة دون وجود بديل سياسي حقيقي أمر لا يستحق النقاش أو حتى التفكير به وفي حال تجدد اليوم القصف الجوي والمدفعي والصاروخي على مناطق المدنيين سيكونون هؤلاء أول المختبئين والهاربين غداً، وإن كان رفض المسار السياسي في جنيف على سبيل المثال خطوة سياسية ضرورية كما يصفها البعض، فعليهم طرح البديل بشكل فوري أو عليك أن تتوقع الأسوأ بقادم الأيام .

وفي الإطار القانوني الدولي، روسيا تحاول بشتى الطرق لإصدار قرار مجلس أمن جديد بديل للقرار 2254 لطرح مسار سياسي جديد يناسب نظام الأسد، ويحاول الأخير بشتى الطرق تشويه سمعة الثورة والمعارضة السورية بكل المحافل الدولية ووصفها بعدم الجدية والتنظيم وعدم القدرة على طرح الحلول البناءة وهذا ما نحاول أن نثبت عكسه ونمنعه تماماً منذ سنوات.

لا أدعو أحد إلى الاستسلام، وإنما أدعو إلى العمل في ظل هذا الواقع الأليم للثورة ومواجهته والوقوف عند أخطائنا، وتصحيحها، واتباع سياسة فن الممكن.

ورسولنا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم نصب خيمة الحرب وخيمة التفاوض جنبا إلى جنب مع كفار قريش.

لذلك علينا تنظيم أنفسنا من جديد، وتجديد العلاقات مع أشقائنا العرب في المملكة العربية السعودية وقطر وزيادة الشراكة والتنسيق مع الدولة التركية الحليفة الاستراتيجية للثورة السورية.

في السنوات القادمة قد يعود البعض للذاكرة السورية ويتفق معنا في قرارات اتخذناها وتحملنا مسؤوليتها بشكل كامل، وقد يلومنا البعض الآخر ويرى أنها خاطئة، لكن كل ما نتمناه هو انصافنا كبشر قد نصيب ونخطئ، أم حبنا لثورتنا فهو مثل حب أي إنسانا لأمه وأبيه.