وكالة قاسيون للأنباء
  • الجمعة, 29 مارس - 2024

انجازات السوري

انجازات السوري

قاسيون ـ شادي شماع

كان السوري يلجأ إلى إنجاب الأولاد، كنوع من التعويض، عن غياب الإنجاز والتطوير في حياته، وهو كثيراً ما يرحل كل طموحه وما لم يستطع تحقيقه إلى أولاده، ويغدو الحديث عن نجاحاتهم وكأنه إنجاز له وبفضل جهوده.. مع أنه في كثير من الأحيان، غالباً ما يكون الأب "هامل" والأم مستهترة، لكن الوسط الاجتماعي الذي يترعرع به الأولاد ومجموعة الأصدقاء والمدرسة، هو من يلعب الدور الأكبر في تكوين شخصيته ومستقبله.

إلى هذا الحد يعاني السوري، والعربي كذلك، من صعوبة أن يعيش حياته الشخصية ويستمتع بها، فهو منذ لحظة إنجابه لأول طفل، تنقلب حياته رأساً على عقب، ويتحول إلى شخص آخر، جل همه أن يجعل من سنوات عمر ابنه وكأنها امتداد لسنوات عمره.

هذا الواقع، شكلته الأنظمة البوليسية والديكتاتورية، لاعتقادها بأن المواطن إذا ما تفرغ لحياته الشخصية، فإن أول ما سيفكر به هو البحث عن السلطة أو التسبب بالإزعاج لها، لهذا هي تحاول إشغاله على مدى سنوات عمره، وتجعله يلهث مثل "الكلب" وراء لقمة العيش وتدبير مصروف عائلته.

لذلك أول ما تسعى إليه هذه الأنظمة، هو تدمير الطبقة الوسطى في المجتمع، وهو أمر اشتغل عليه حافظ الأسد بإمعان منذ توليه السلطة نهاية العام 1970، إذ كان الموظف يستطيع أن يعيش بكرامة من راتبه، ثم لم نصل العام 1980، حتى أصبح راتب الموظف لا يكفيه لأسبوع.

ونفس الشيء مارسه بشار الأسد، حيث شهدت السنوات الأولى من حكمه، بعض "البحبوحة" بالنسبة للموظفين، وأصبح الراتب يغطي تكاليف المعيشة إلى حد ما، لكن هذه "البحبوحة" رافقها بعض الأنشطة المدنية السياسية، وهو ما لم يرق لبشار الأسد، لذلك ادعى بعد العام 2005، أن الدولة لم تعد قادرة على تغطية نفقات الخدمات الأساسية للمواطن، وأخذ يضغط على المجتمع من خلال رفع الضرائب وزيادة الأسعار، وتمكين طبقة من المستغلين بإدارة شؤون الاقتصاد، حتى إذا ما وصلنا إلى العام 2009، كانت الظروف الاقتصادية للشعب السوري تزداد سوءاً، وكان الوضع ينذر بثورة جياع أو بطالة. مع أنه في تلك الفترة لم تكن الدولة فقيرة، وهذا باعتراف وزير المالية، الذي كان يصرح على الدوام بأن خزينة الدولة ملآى بالأموال، ويطلب من الشعب السوري أن يتوجهوا لأخذ القروض، من أجل تشغيل هذه الأموال.

لذلك عندما انطلقت الثورة السورية في مطلع العام 2011، فإن أول ما قام به بشار الأسد هو زيادة الرواتب بنسبة جيدة، لأن كل المؤشرات في تلك الفترة كانت تقول بأن الشعب السوري على حافة الانفجار من الأوضاع الاقتصادية الصعبة.. لكن الثورة خرجت وهي بكامل الوعي، بأن الاستبداد هو السبب في مأساتهم، لهذا واجهوا إعلان زيادة الرواتب بالصراخ: "يا بثينة ويا شعبان، الشعب السوري مو جوعان".