وكالة قاسيون للأنباء
  • الخميس, 18 أبريل - 2024

الولد الذي ضيع البلد

الولد الذي ضيع البلد
<p><span style="color: rgb(247, 247, 247); background-color: rgb(231, 99, 99);">قاسيون ـ عادل قطف</span></p><p>لو أن حافظ الأسد يخرج من القبر، ويتأمل في حال البلد التي سلمها لابنه في العام 2000، كورقة مطوية في جيبه وإلى جانبها لبنان الشقيق، بالإضافة إلى علاقات متوازنة إلى حد ما، مع الأمريكان والأوروبيين والأتراك والإيرانيين، ودور عربي ريادي مع السعودية ومصر، ثم كيف تحولت الأمور، وأصبح بالكاد يحكم حي المهاجرين الذي يسكن فيه..بكل تأكيد أن حافظ الأسد سوف يبصق على وجهه ويقول له: "الله يلعنك ما أحونك". </p><p>هذه التأملات ليست من باب المقارنة بين حكم بشار الأسد وأبيه، وأيهما أفضل من الآخر، فكلاهما مجرم وسفاح، وإنما هي محاولة للتفريق بين ديكتاتور ذكي، حاول ما أمكن إبعاد اللعب عن بلده، وبين ديكتاتور ضعيف وأهبل، استقدم كل الأطراف ليلعبوا على أرضه وحول غرفة نومه. </p><p>ولعل ذلك يعطينا فكرة عن ما قيل، إن بعض القيادات حول حافظ الأسد في الحزب والجيش والمخابرات، اعترضوا أمامه على قدرة بشار بقيادة البلد، عندما نضجت في رأسه فكرة توريثه الحكم في العام 1996، وأنه ضعيف الخبرة والتجربة، فطلب منهم مساعدته وتقوية عوده، إلا أن بشار الأسد أول ما فعل عندما أصبح الحاكم الفعلي لسوريا بعد العام 1998، هو التخلص منهم الواحد تلو الآخر، وكان ذلك بناء على نصيحة الإيرانيين، وحزب الله. </p><p>إن مشكلة سوريا اليوم لم تعد ببقاء بشار الأسد أو ذهابه عن الحكم، لأنه فعليا ليس هو من يحكم سوريا، وإنما عناصر القوة التي تشكلت داخل قيادة الجيش والمخابرات خلال السنوات التسع الماضية، والتي أصبحت منقسمة، بين من توالي إيران وتعمل لصالحها، وبين من توالي روسيا وتعمل لصالحها أيضا..أما دور بشار الأسد في هذه العملية، فهو إدارة الصراع بين هاتين القوتين، وتجنب حدوث أي صدام بينهما، لأنه سوف يكون على حساب رأسه.. لذلك هو يسعى إلى إرضائهما بأي شكل، من خلال التنازل لكل طرف عما يشتهيه من سوريا.. أما المتغير الأخير، والمتمثل بدخول الأتراك على خط العمل العسكري المباشر في سوريا، فهو أيضا أظهر طرفا ثالثا، مسلحا بقوة "شرعية" من جزء مهم من الشعب السوري في إدلب واللاجئين في تركيا، ويريد أن يكون هو الآخر له دور في رسم نهايات الأزمة السورية، شأنه شأن الروسي والإيراني.. لكن هذين الأخيرين يريدان إخراجه من المولد بلا حمص، وهو الذي تحمل، أي التركي، جزءا مهما من تكاليف الحرب السورية، عبر استقباله لأكثر من ثلاثة ملايين لاجئ على أراضيه، وهو كما أعلن، ليس له مطامع في أرض أو ثروة، وإنما كل ما يرجوه، هو أن يعود هؤلاء إلى بلدهم، وتتوقف خسارته. </p><p>هذا المتغير، واجهه بشار الأسد، برفع حدة المواجهة مع تركيا، عبر سلوكيات في مجلس الشعب من إدانة لمجازر الأرمن، وتصريحات مباشرة ضدها، لا يمكن أن يتفوه بها من تلقاء نفسه، وإنما هي بإيحاء من الروس والإيرانيين، على الأغلب..وهذا من جهة ثانية ينسجم مع دوره الجديد، كألعوبة بيد هاتين الدولتين، واللتين أصبحتا تستثمرانه، في كل شيء، بما فيها المواقف التي تتطلب تنازلا كبيرا عن السيادة والكرامة الوطنية والشخصية. </p><p>من هذا المنطلق، يرى الكثيرون، أن حافظ الأسد، لو أنه مازال رئيسا للجمهورية، ما كان ليرضى أن يلعب هذا الدور الوضيع على العلن.. ولكان فضل التواري عن الأنظار تماما، على أن يصبح أضحوكة ومسخرة على الألسن، كما هو حال بشار الأسد اليوم. </p><p><br></p><p> </p><p> </p><p> </p><p> </p>