وكالة قاسيون للأنباء
  • الخميس, 14 نوفمبر - 2024

سوريا إلى أين .. أم أين سوريا ..؟

سوريا إلى أين .. أم أين سوريا ..؟

قاسيون ـ رشا شماع

رغم كل الهجوم الذي تعرضت له ندوة الدوحة التي شارك فيها معارضون بارزون ، وممثلون ومدراء لمراكز أبحاث ودراسات سوريون ، تحت عنوان "سوريا إلى أين..؟ " ، لكن للحقيقة ، فإنها بعيد كل البعد عن محاولات التطييف السياسي التي حاول البعض أن يلصقها بها ، بأنها تهدف إلى خلق جسم جديد للمعارضة ، بديلا عن الأجسام القائمة الحالية ، وعلى ما يبدو أن الأسئلة التي طرحتها باتت مشروعة بكل معنى الكلمة ، بعد أن فقدت البلد سيادتها وكل ثرواتها ، ولم يعد يتبقى منها سوى كرسي رئيس الجمهورية .. فهل يستحق هذا الكرسي كل هذه المعارضات الموجودة حاليا ..؟

"سوريا إلى أين ..؟" سؤال يبدو للوهلة الأولى بأنه من السهل الإجابة عليه وبكلمة واحدة ، بأنها ذاهبة إلى الجحيم ، وبإرادة الدول العظمى وبتخطيط منها .. لكن بنفس الوقت هل يمكن أن يتوقف الحوار هنا ..؟ بمعنى آخر ، هذا يعني بأنه لم يعد بوسع أحد أن يفعل شيئا ، ويجب على الجميع القبول بهذا القدر الذي كتب على بلدنا ..؟

لقد كانت كلمة الدكتور رياض حجاب ، رئيس الوزراء الأسبق المنشق ، في افتتاح فعاليات الندوة ، كافية ووافية لناحية توصيف الوضع الراهن لسوريا ، كما أنها صادقة لناحية مخاطبة السوريين ، بأن عليهم وقف هذا النزيف الذي تتعرض له البلد ، بعد أن بات يتقاسم أرضها وثرواتها الغرباء .. لكن السؤال الذي لم يجب عنه ، ماذا بوسع السوريين أن يفعلوا ..؟ هل الأمر متوقف على وحدة المعارضة وتكاتفها .. أم أن هناك أشياء أخرى أكثر أهمية ، لم يقلها ..؟!

برأيي أن وحدة المعارضة ، لم تعد تجدي في الظروف الحالية ، إلا إذا عادت إلى الأرض السورية ، وقادت من هناك عمليات مقاومة ، مشروعة دوليا ، لكل الاحتلالات الموجودة على الأرض ، بما فيها مقاومة النظام الديكتاتوري السوري .. وهذا الأمر لن يتحقق لأسباب جميعنا يعرفها ، بأن الأرض حاليا ، هي من ترفض أن يتواجد هؤلاء عليها ، باسم القادة ، بعد أن تخلوا عنها لأكثر من عشر سنوات ، وارتضوا الإقامة والنضال خارجها ، وبعيدا عن ظروف أهلهم وشعبهم ..

أما الأشياء الأخرى التي لم يقلها حجاب ، والتي أصبحت ضرورة لوقف النزيف السوري ، هي أن الحل السلمي للأزمة السورية ، ما هو إلا كذبة كبرى ، وأن أكبر خطأ ارتكبته الثورة هو تخليها عن عناصر قوتها ، المتمثلة بامتلاكها الأرض .. فعندما خرجت من هذه الأرض وتخلت عن سلاحها ، بدأت البلد بالضياع ..

وهناك نقطة شديدة الأهمية ، وهي قبل أن نسأل سوريا إلى أين ، يجب أن نعرف أين سوريا اليوم ..

سوريا اليوم بكل بساطة مستولى عليها وعلى ثرواتها بالكامل من قبل روسيا وإيران وما يسمى قوات سوريا الديمقراطية المدعومة من أمريكا ، وبعقود تمتد لعشرات السنوات .. أي أن أي محاولة لاستعادة سوريا من هذا نظام الأسد ، فإنها سوف تكون عبئا على النظام الجديد .. فهو سوف يتفاجئ بأنه استعاد معمله الذي نهب منه ، لكن الآلات معطلة ، والبناء مدمر ، بينما لا يمتلك الإمكانيات التي يعيد فيها معمله للعمل من جديد ..

باختصار شديد ، لقد ضحى نظام الأسد بسوريا كاملة ، من أجل أن لا يستفيد أحد منها بعده .. أو بصورة أدق ، أفقرها ودمرها ، حتى لا ينازعه أحد عليها .. لكن المفاجئ بالنسبة له ، أن السوريين لازالوا يريدون بلدهم .. وهو أبرز ما حملته ندوة الدوحة ، من رسائل لهذا النظام ..