وكالة قاسيون للأنباء
  • الثلاثاء, 16 أبريل - 2024

سوريا الدولة المتسولة

سوريا الدولة المتسولة
<p> </p><div><span style="color: rgb(247, 247, 247); background-color: rgb(231, 99, 99);">قاسيون ـ مصطفى الأحمد</span></div><div><br></div><div>حتى مطلع العام 2013 كان الكثير من المحللين يحذرون، من أن تتحول سوريا إلى دولة فاشلة، أما اليوم فقد تجاوزوا الحديث عن الفشل بعد أن تأكد وقوعه، وأصبحوا يحذرون من أن تتحول إلى دولة متسولة. </div><div>مفهوم الدولة المتسولة يشير إلى بلد يعتاش على الشحادة من الدول الأخرى، ما يضطره إلى تقديم تنازلات عن سيادته وقراره السياسي، ويصبح تابعاً ولاحقاً لمن يدفع أكثر. وفي حال كان هناك دافعون كثر، يتحول هذا البلد، إلى ما يشبه الغانية التي تحاول إرضاء الجميع. </div><div>بمعنى آخر، قد يضطر الرجل لتقديم تنازلات بين أفراد أسرته، ويعطي زوجته وأولاده مقاليد السلطة في المنزل، لكنه يبقي على ما مقداره واحد بالمئة من السلطة في يده، والتي هي على الأقل مفتاح باب البيت.. أما في حالة الدولة المتسولة فإنه حتى هذا المفتاح تتنازل عنه للغير.. </div><div>لذلك تشير الوقائع إلى أن نظام بشار الأسد على وشك تسليم هذا المفتاح للغير، بعد أن تنازل عن أغلب مقدرات البلد الاقتصادية للروس والإيرانيين، ولم يعد الاقتصاد السوري يملك أية مقومات ذاتية، لقيادة عمليات إعادة الإعمار والعودة بالبلد إلى الحياة الطبيعية. </div><div>وبحسب وسائل إعلام النظام، فقد بدأت تتكشف ملامح الكثير من الأزمات التي ستواجه سوريا خلال السنوات القادمة في أعقاب الحديث عن نهاية الحرب، والتي يأتي على رأسها، ليس إعادة الإعمار، وإنما التخلص من آثار الدمار. إذ تقول الدراسات الحكومية، إن سوريا غير قادرة ولا تملك الإمكانيات الكافية، لإعادة تدوير أو ترحيل هذا الدمار ،لأن تكاليف الترحيل أو إعادة التدوير لا تقل عن تكاليف إعادة الإعمار، وربما أكثر بقليل. </div><div>أما ثاني هذه الأزمات، فهي صعوبة تمويل أعمال الحكومة ومشاريعها، وشؤون الدولة والشعب، بسبب خروج الثروات الطبيعية من دائرة الحسابات الاقتصادية. وهي في مجملها كانت تشكل قبل العام 2011 أكثر من 60 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي، سواء الثروة النفطية والغازية، أو الثروة الزراعية والحيوانية، كما كانت تساهم بتمويل أكثر من 40 بالمئة من الموازنة العامة للدولة وتوفر الكثير من القطع الأجنبي المعد للاستيراد.. أما اليوم فقد أصبحت مستنزفة لهذا القطع، على اعتبار أنها تدخل في باب الأساسيات الحياتية. </div><div>وما عدا ذلك من قطاعات، وبالذات الصناعة والسياحة، التي كانت تلعب دوراً كبيراً في تمويل مصروفات الحكومة وتشغيل عدد كبير من اليد العاملة، فهي الأخرى بحاجة لسنوات طويلة كي تقف على قدميها، ليس أقل من عشر سنوات قادمة، وبالتالي لا يمكن التعويل عليها في تحقيق أي إيرادات ذاتية للدولة. </div><div>أما القطاعات المتبقية، والتي يعول عليها في تمويل مصروفات الحكومة، فهي الاتصالات، وتحويلات المغتربين والضرائب والتعفيش.. وهذه القطاعات الأربع بما تدره من إيرادات كبيرة تقدر بنحو 3 مليارات دولار سنوياً، هي التي استطاعت أن تمويل اقتصاد حرب النظام على الشعب السوري خلال السنوات العشر الماضية، لكنها بنفس الوقت لا تصنع من سوريا بلداً قادراً على الإيفاء بمتطلبات العودة إلى الحياة الطبيعية، وإعادة البنى التحتية التي تم تدميرها إلى سابق عهدها. </div><div>أما المشكلة الأكبر والأعمق، فهي أنه في ظل النظام الحالي، حتى أنه لا يوجد دول يمكنه التسول منها.. فلو أنه رهن قراره السياسي والسيادي لدولة ذات إمكانيات مالية كبيرة، كما فعلت اليابان وألمانيا بعد الحرب العالمية الثانية، لكنا قلنا أنه ضحى في سبيل معيشة شعبه.. أما هذا النظام، زيادة على أنه تنازل عن مقدرات البلد الاقتصادية التي هي محدودة بالأساس، فهو فعل كل ذلك ليس دفاعاً عن سوريا، وإنما لمجرد البقاء على كرسي الحكم.. </div><div><br></div>