وكالة قاسيون للأنباء
  • الأربعاء, 11 ديسمبر - 2024

السجون السرية في دمشق: مراكز التعذيب والإخفاء

السجون السرية في دمشق: مراكز التعذيب والإخفاء

تعتبر السجون السرية في دمشق من بين أكثر الجوانب القاسية في النظام الأمني السوري، حيث تمثل هذه المنشآت أماكن للإخفاء والتعذيب. تمتد شبكة هذه السجون عبر أنحاء العاصمة، لتصل إلى زوايا خفية ورموز سلطوية عميقة. يعكس هذا الوضع فهما معقدا للسلطة والقمع في سوريا، حيث تُستخدم السجون لتحقيق السيطرة السياسية وإسكات الأصوات المعارضة.


في جبل قاسيون، أحد الرموز الجغرافية للعاصمة، تمتد نفقٌ سري يمتد من منطقة المالكي وصولًا إلى القصر الجمهوري. هذا النفق لا يُعتبر مجرد طريقٍ لنقل السيارات الرسمية، بل هو رمز للعزل والسرية، حيث يُستخدم في تنقلات رموز السلطة بعيدًا عن أعين العامة. ومن الجدير بالذكر أن القصر الجمهوري يضم مهبط طائرات، مما يعكس طبيعة النظام الذي يعتمد على احتكار القوى بطريقة محكمة.


في منطقة كفرسوسة، تُعتبر إدارة أمن الدولة ملاذًا لممارسات تعتبرها منظمات حقوق الإنسان تجاوزات جسيمة. تحت هذه الإدارة، يقع سجن كبير يمتد إلى مسافات واسعة، حيث يضم آلاف المعتقلين. هذا السجن يمثل نموذجاً للعملية التي تُمارَس بحق المعارضين للنظام، حيث يتم اعتقال العديد لأسباب سياسية، وغالبا ما يتم احتجازهم دون محاكمة.


ليس بعيداً عن هذا السجن، يوجد سجن آخر مخصص للنساء في مبنى الأيتام المجاور لإدارة الأمن، حيث يُحتجز عدد من النساء اللاتي يُعتبرن مُعارضات للنظام. هذا يعكس كيفية استهداف النساء بشكل خاص في سياق القمع السياسي، ويكشف عن وجه آخر من أوجه القسوة التي تُمارَس على المجتمعات الأكثر ضعفاً.


بالتوجه إلى باب مصلى، نجد سجنًا كبيرًا تحت البحرة، يضم 14 معتقلًا سياسيًا. هذا المكان ليس فقط واحدًا من العديد من السجون، بل يُعتبر آلية للتمويه وإخفاء الحقائق عن الوضع السياسي في البلاد. يهدف هذا السجن إلى إبعاد الأضواء عن المعتقلين والصراعات المحتملة، إذ يُعطي الانطباع بعدم وجود بين معتقلين.


في السومرية، يكتمل المشهد مع سجن كبير آخر يضم أكثر من 1700 معتقل، من بينهم نساء وأطفال. يُظهر هذا العدد الكبير من المعتقلين الاقتصاد القاسي للقمع في دمشق، حيث يُعتبر السجن وسيلة لخلق حالة من الخوف والترويع بين الأفراد.


بالإضافة إلى ذلك، هناك سجن في الصبورة يتبع للفرقة الرابعة، يضم 900 معتقل. هذا يدل على سياسة منهجية لنقل المعتقلين بين المواقع الأمنية المختلفة لتحقيق أقصى درجات الرقابة والقمع. 


وعند دخول مطار المزة العسكري، تكتمل الصورة مع وجود سجون مُخفية تحت المباني الإدارية وفي أماكن الخدمة، حيث يُحتجز ما يُقارب الألفين من المعتقلين. يُظهر هذا الأمر كيف تطال ممارسات القمع حتى أعظم المؤسسات العسكرية في البلاد.


أخيرًا، يُعتبر المربع الأمني في كفرسوسة مركزًا آخر لهذه الأنشطة، حيث يضم تسعة أفرع أمنية، كل منها يحتفظ بسجون تحت الأرض. يُشير هذا الوضع إلى نظام متكامل من القمع، حيث يُحتجز هناك ما يُقارب السبعة آلاف من السجناء. يُضعف هذا النظام تماسك المجتمع، ويُعزز من مشاعر الخوف والسكون.


تُقدّم هذه السجون السرية تجلّيات للفظائع التي يتعرض لها المعتقلون، وتعكس واقعًا مأساويًا يعيشه العديد من السوريين في ظل أجواء القمع والتعذيب. يبقى الأمل قائمًا في أن تُستنكر هذه الممارسات، وأن تتحقق العدالة لمن تعرضوا لهذه الانتهاكات الجسيمة.

//