يعيش محمود
حادثة الشاب السوري محمود الذي أنقذ سيدة تركية من تحت أنقاض الزلزال ، لاتزال منذ الأمس وحتى اليوم ، حديث وسائل الإعلام والشارع التركي ، ويتم التعامل معها كما لو أن رجلا عض كلبا .. أما محمود ، فهو على الأغلب يشعر بالاستغراب من الضجة الإعلامية التي حاز عليها ، لأنه قد يكون قد قام بهذا العمل أو شاهد من يقوم به ، عشرات المرات في سوريا .. وما اندفاعه إلى مكان الانهيار بهذه السرعة ، إلا دليل على خبرته ، بالتعامل مع إخراج الضحايا من تحت أنقاض الصواريخ والبراميل المتفجرة التي كان يلقيها طيران بشار الأسد على منازل المدنيين في بلدته أو حيه ..
لكن ذلك لا ينقص من بطولة محمود شيئا ، ولا ينقص من إحساسنا معه بالفخر والاعتزاز ، وإنما المشكلة هي لدى الأتراك ، الذين لم يعوا حتى اللحظة ، حجم المصيبة والكارثة التي عاناها الشعب السوري الذي يعيش بين ظهرانيهم ، ولازال الكثير منهم ينظر إلى هذا الشعب على أنه جاء إلى تركيا بحثا عن حياة أفضل ، وليس فارا وهاربا من الموت المحقق .. وكان الأحرى بالإعلام التركي لو أنه ربط حادثة بطولة محمود مع السيدة التركية ، بفاجعة الشعب السوري ، الذي يعيش هذا الوضع منذ أكثر من ثماني سنوات ..
على أية حال ، هذا لا يقلل من أهمية ودور محمود في تلميع صورة أبناء بلده ، فالشعب التركي في مجمله ، ومنذ الأمس ، أصبح ينظر إلى السوريين ويتعامل معهم ، على أنهم أخوة محمود ، نظرا للتأثير الكبير الذي تمارسه وسائل الإعلام عندهم .. وتبقى المشكلة هي لدى أبناء شعبنا الذين يعيشون في تركيا ، والذين يجب أن يعززوا من نموذج محمود في كل مدينة يتواجدون فيها ، وفي كل حي .. لأن جهود محمود وبطولته سوف تذهب سدى ، إذا لم يتعمم هذا النموذج ، ويصبح هو أخلاق السوريين جميعا ، ولا نقصد هنا في حالة الكوارث التي لا نتمنى أن تتكرر على الشعب التركي ، وإنما من خلال التعامل الصادق والمخلص ، مع أخوانهم الأتراك ، وإظهار الأخلاق الحقيقية للشعب السوري ، والتي لم يتخلى عنها بمجرد خروجه من بلده ..
قاسيون ـ خاص