وكالة قاسيون للأنباء
  • السبت, 16 نوفمبر - 2024
austin_tice

المصالحة إذ تتحول إلى بدعة للردح في الوقت الضائع...

<p dir="RTL" style="text-align: justify;"><span style="color:#000000"><sup><span style="font-size:18px"><strong>فقدت الدعوة للمصالحة، مفردةً ومفهوماً ومصطلحاً، كل تأثيرٍ لها لكثرة استخدامها في مناسبة ومن دون مناسبة، وأصبحت مع طائفة أخرى من المفردات والمفاهيم والمصطلحات التي لاكتها الأحزاب والكتل في العملية السياسية، فاقدة الصلاحية. ومع ذلك تُصرّ الرئاسات الثلاث على تداولها والتلويح بها، وكأنها إيقونة وبلسماً للشفاء من الأزمات المتفاقمة التي تطحن العراقيين وتدفعهم إلى حافة اليأس واللاجدوى .</strong></span></sup></span></p> <p dir="RTL" style="text-align: justify;"><span style="color:#000000"><sup><span style="font-size:18px"><strong>وقد خَبِر العراقيون طوال سنوات الأمل والفقدان كل الصيغ والأشكال المقترحة للمصالحة، بعيداً عن مفهومها الحقيقي، حتى أن دعاتها كادوا أن يُحرموا الشعب من &quot; معجون الطماطة &quot;بتحريفه وتحويله الى &quot; معجون المحبة &quot; في أحد كرنفالات المصالحة المثيرة للسخرية، لعل الناس تعتاد على النحت الجديد لمادة غذائهم الأساسية ونسيان ما جارت به الأيام على زراعة الطماطة العراقية وشقيقاتها الأخر، بعد أن غزت الوافدات البلاد من خلف الحدود .</strong></span></sup></span></p> <p dir="RTL" style="text-align: justify;"><span style="color:#000000"><sup><span style="font-size:18px"><strong>يتوهم ساستنا وقادة دولتنا اللادولة، إذ يعتمدون على ما أستقر في لاوعيهم من أيام الدراسة الابتدائية، ما كان يردده المعلم على تلاميذه المتخلفين في متابعة الدرس &quot; في الإعادة إفادة &quot;دون أن يُدركوا إنها مقولة لا تصلح لإدارة الدولة والحكومة والعملية السياسية، كما لم يُدركوا قبل ذلك أن إيراد ذكر المعجون في الأحاديث إنما يساق في مورد السخرية إذ تشير إلى أنها مادة تصلح لكل طبخة دون أن تتميز بالفرادة أو الهوية المتميزة.!</strong></span></sup></span></p> <p dir="RTL" style="text-align: justify;"><span style="color:#000000"><sup><span style="font-size:18px"><strong>والملفت في هذا السياق أيضاً، أن إثارة قضية المصالحة والدعوة لعقد مؤتمرات لها ، تأتي دائماً &quot; بعد خراب البصرة &quot;، حين يكون شعبنا بمكوناته وأطيافه قد دفع أثماناً باهظة في الأرواح والممتلكات، واستنزاف المزيد من الموارد وتبديد فرص واعدة للبناء وتصحيح المسارات الخاطئة.</strong></span></sup></span></p> <p dir="RTL" style="text-align: justify;"><span style="color:#000000"><sup><span style="font-size:18px"><strong>وفي كل مرة تتجدد فيها الدعوات إلى المصالحة وتجرى التحضيرات المُكلفة لها ولمؤتمراتها، تُعاد وتكرر ذات المضامين والشعارات والأهداف، دون تغيير حتى في الصياغات والتعابير المستهلكة، سوى إضافة بعض الأخطاء اللغوية والصياغات الركيكة، رغبة في التجديد وإن كان مخلاً في السياق..!</strong></span></sup></span></p> <p dir="RTL" style="text-align: justify;"><span style="color:#000000"><sup><span style="font-size:18px"><strong>ورغم أن غالبية القادة هم من المخضرمين الذين خبروا تجارب المنفى، فأنهم كما تدلل تجربة مشاركتهم في السلطة، ساهون عن دروسها البليغة، وتراهم يمعنون في تكرار أخطاء صارت أيامها نكات يتداولها المواطنون من أفواه قادتهم . ومن بين تلك الأخطاء المتحولة إلى نكات وسخرية ، القوائم التي أعدتها أجهزة المخابرات السورية والسعودية والإيرانية لاختيار الموالين لهم لتأكيد مشاركتهم في مؤتمر المعارضة في بيروت في العام 1991 ، ولتوزيع الهبات والمناصب القيادية على رأس المعارضة المستعدة للزحف على السلطة في بغداد . يومها خرجت قوائم الأجهزة المخابراتية وهي تضم أسماء العشرات من الموتى الذين تحولت عظام بعضهم إلى رميم..!</strong></span></sup></span></p> <p dir="RTL" style="text-align: justify;"><span style="color:#000000"><sup><span style="font-size:18px"><strong>والمفارقة أن تفاصيل مؤتمرات ومهرجانات المصالحة في أيامنا هذه لا تختلف من حيث التفاصيل والإحداثيات عن تلك الأيام . فعوضاً عن البحث عن جوهر المصالحة في نسيج المجتمع العراقي وبين أفراده قبل مكوناته ، يتدافع القيّمون على تحقيق المصالحة في البحث عن &quot; تكوينات مسلحة &quot; وأُطرٍ حزبية وسياسية لم يكن لها وجود سوى في وسائل إعلام مأجورة أو متواطئة، أو أن التطورات السياسية في البلاد تجاوزتها بعد أن فقدت فاعليتها وأنعدم دورها وتحولت إلى ماضٍ مُشتَبه به . ومن بين أكثر تجليات الدعوة للمصالحة بنسخها المختلفة، التنادي لإشراك البعث في المصالحة في نفس الوقت الذي يبحث فيه البرلمان قانون تحريم البعث في الحياة السياسية ..</strong></span></sup></span></p> <p dir="RTL" style="text-align: justify;"><span style="color:#000000"><sup><span style="font-size:18px"><strong>في كل مرة يُعقَدُ فيه مؤتمر للمصالحة ينضم وجه جديد إلى العملية السياسية، ليحتل مقعد وزير أو نائب أو خلافه ، ويتزامن مع &quot; النجاح &quot; الإعلامي المدوّي الذي يترافق معه في أجهزة الإعلام الموالية، بروز إطار أو شخصية تعلن رفضها لما جرى من اتفاق &quot;خياني &quot; ومواصلتها العمل المسلح في &quot; المقاومة &quot; ، بعد أن تكون قد حققت مكسباً مالياً مغرياً وحضوراً دعائياً لم تكن تحلم بهما، وهي تعرف حقيقة وجودها الكارتوني ..</strong></span></sup></span></p> <p dir="RTL" style="text-align: justify;"><span style="color:#000000"><sup><span style="font-size:18px"><strong>في كل مرة تعود قضية المصالحة إلى واجهة العملية السياسية، يتأكد بوضوح كافٍ لكل عين ثاقبة وإدراكٍ سوي، أنها لا تعني كل ما يجري تداوله من أوراقٍ ومفرداتٍ ومصطلحاتٍ ومفاهيم مبتسرة، لأنها تفضي كلها الى مصالحة فوقية معزولة عن الواقع ..</strong></span></sup></span></p> <p dir="RTL" style="text-align: justify;"><span style="color:#000000"><sup><span style="font-size:18px"><strong>ذلك ان المصالحة الحقيقية التي هي في جوهرها مصالحة مجتمعية، لا تتحقق ولا تجد تعبيرها إلا في مفردة تختزل كل ما في مفهوم الديمقراطية والدولة المدنية العابرة للطوائف ومحاصصاتها، وتتجسد في المواطنة الحرة المتساوية وكل ما يشكل حوامل لها..!</strong></span></sup></span></p> <p dir="RTL" style="text-align: justify;">&nbsp;</p> <p dir="RTL" style="text-align: justify;"><span style="color:#000000"><sup><span style="font-size:18px"><strong>فخري كريم</strong><strong>: المدى</strong></span></sup></span></p>