رحيل يوسف الزعين… آخر «الأطباء الثلاثة» في سورية المريضة
<p dir="RTL" style="text-align: justify;"><span style="color:#000000"><sup><span style="font-size:18px"><strong style="line-height:1.6em">يوسف الزعين، آخر «الأطباء الثلاثة» الذين حكموا دمشق عندما كانت «سورية مريضة»، توفي أول من أمس في استوكهولم بعدما رأى بلده تعاني المرض العضال. رحل بعدما عايش مئات الآلاف من أبناء جلدته «قوارب الموت» إلى السويد وأوروبا هرباً من «البراميل المتفجرة» والسكاكين.</strong></span></sup></span></p>
<p dir="RTL" style="text-align: justify;"><span style="color:#000000"><sup><span style="font-size:18px"><strong>وبعد نكسة ١٩٦٧، كان في دمشق «ثلاثة دكاترة أطباء»، هم الرئيس نور الدين الأتاسي ورئيس الوزراء يوسف الزعين ووزير الخارجية إبراهيم ماخوس، ظهر صراع داخل قيادة «البعث» الحاكم بين الأمين العام المساعد صلاح جديد والرئيس الأتاسي وماخوس من جهة واللواء حافظ الأسد الذي كان وزيراً للدفاع من جهة أخرى، إلى أن حسم الأخير الصراع في «الحركة التصحيحية» في 17 تشرين الثاني (نوفمبر) 1970. وأودع الأسد «رفاق» الأمس باستثناء ماخوس الذي فر إلى الجزائر بينما تأخر اعتقال الزعين إلى العام ١٩٧١. لكنهم جميعاً «الرفاق» خرجوا من السجن بعد عقود وسنوات طويلة… ومرض عضال قضى عليهم الواحد تلو الآخر.</strong></span></sup></span></p>
<p dir="RTL" style="text-align: justify;"><span style="color:#000000"><sup><span style="font-size:18px"><strong>رحل الزعين (مواليد ١٩٣١) الذي انضم إلى «البعث» في ١٩٥٧، بعدما انهارت جميع أحلامه. البوكمال، مسقط رأسه التي أرادها شعلة للطبقة الكادحة تحت سيطرة «داعش». والبوكمال التي أرادها جزءاً من «بلاد العرب»، جزء من «ولاية الفرات» التي أعلنها «داعش» على جانبي الحدود السورية – العراقية.</strong></span></sup></span></p>
<p dir="RTL" style="text-align: justify;"><span style="color:#000000"><sup><span style="font-size:18px"><strong>أزيلت حدود سايكس – بيكو كما كان يطمح الزعين، لكن ليس في إطار «الرسالة الخالدة» لحزب «البعث» لتحقيق «الأمة العربية الواحدة» وليس بأوامر من «الأستاذ» ميشال عفلق، بل بأوامر «الخليفة» أبو بكر البغدادي. أيضاً، تحققت أهداف الزعين في إنهاء «الدولة الوطنية»، لكن ليس لإقامة «الوطن العربي» بل في إطار قيام الإمارات والطوائف.</strong></span></sup></span></p>
<p dir="RTL" style="text-align: justify;"><span style="color:#000000"><sup><span style="font-size:18px"><strong>الزعين، كان الأقل حظاً بين رفاقه، في أنه عاش أكثر منهم. «الدكتور» ماخوس الذي قال بعد احتلال إسرائيل الجولان في 1967 أنه «ليس مهماً أن نخسر المدن لأن العدو هدفه القضاء على الثورة» في إشارة إلى «ثورة» آذار (مارس) التي أوصلت «البعث» إلى الحكم، سبق الزعين إلى الموت من الجزائر في أيلول (ٍسبتمبر) ٢٠١٣.</strong></span></sup></span></p>
<p dir="RTL" style="text-align: justify;"><span style="color:#000000"><sup><span style="font-size:18px"><strong>وها هو الزعين بقي إلى أن وجد الجغرافيا السورية البالغة ١٨٥ ألف كيلومتر مربع، منقسمة بين ١٨ في المئة تحت سيطرة الحكومة و١٦ في المئة تحت سيطرة «وحدات حماية الشعب» الكردي الذي «يصححون» عملياً «سياسات التعريب» التي يعرفها جيداً. ويقبض عناصر «داعش» على نصف المساحة فيما يسيطر «جيش الفتح» الذي يضم سبع فصائل إسلامية بينها «جبهة النصرة» على «إدلب الخضراء».</strong></span></sup></span></p>
<p dir="RTL" style="text-align: justify;"><span style="color:#000000"><sup><span style="font-size:18px"><strong>الأراضي الزراعية في الجزيرة السورية، التي عمل عندما كان وزيراً للزراعة على إعطائها إلى «الفلاحين المعدمين» بعد تسلم «البعث»، باتت في أيدي المزارعين فعلاً، الذين ثاروا على سنوات الانفتاح الاقتصادي في سورية، لكن مخازن الحبوب يتقاسمها الأكراد و «داعش»، كما هي الحال مع آبار النفط.</strong></span></sup></span></p>
<p dir="RTL" style="text-align: justify;"><span style="color:#000000"><sup><span style="font-size:18px"><strong>محمد علي الأتاسي، نجل الرئيس الراحل، نشر أمس على صفحته في «فايسبوك» رسالة الزعين إلى الرئيس الأتاسي (الذي أمضى ٢٢ سنة في السجن نصفها مع الزعين) يقول فيها: «بإمكاننا جعل بناء سد الفرات أكبر تظاهرة اشتراكية في الوطن العربي حيث العمل في النهار والثقافة في الليل لمخيمات لعمالنا الأميين الجهلة (…) أثر العمل سيكون تظاهرة جذرية للوحدة مع العراق لن تقف أي قوة في الأرض على فصمها».</strong></span></sup></span></p>
<p dir="RTL" style="text-align: justify;"><span style="color:#000000"><sup><span style="font-size:18px"><strong>بالفعل، أول ما فعل «رئيس الوزراء الدكتور» الزعين، أنه وقع اتفاق إقامة السد مع الاتحاد السوفياتي. تحقق «حلمه». لكن قبل أن يرحل الزعين، عرف أن «داعش» بات يسيطر على السد التاريخي وسط أنباء عن دفع دمشق رواتب الموظفين لتوليد الكهرباء.</strong></span></sup></span></p>
<p dir="RTL" style="text-align: justify;"><span style="color:#000000"><sup><span style="font-size:18px"><strong>أما روسيا، وريثة الاتحاد السوفياتي، رآها الزعين قبل أن يغمض عينه ويتوقف قلبه، تحتكر السماء السورية.</strong></span></sup></span></p>
<p dir="RTL" style="text-align: justify;"> </p>
<p dir="RTL" style="text-align: justify;"><span style="color:#000000"><sup><span style="font-size:18px"><strong>إبراهيم حميدي: الحياة</strong></span></sup></span></p>