جرحى الزبداني نسوا مصابهم وبكوا أطفال مضايا
<p style="text-align:justify"><span style="color:#000000"><sup><span style="font-size:18px">منى عدنان (قاسيون) - كانت زيارة قصيرة، لكنها تساوي قيمة عمر قضيته في بساتينها وتلالها المخضرّة، التي تحولت إلى أنقاضٍ وأشلاء من الموتى بصغارهم وكبارهم، هنا في مشفى الأمل في مدينة الريحانية جنوبي تركيا، استعدت قليلاً من رائحة التراب والزهر من دماء جرحى الزبداني، وعددهم حوالي العشرة، والذين بقوا في تركيا، بسبب حالتهم الحرجة، تحت رعاية من حركة أحرار الشام الإسلامية.</span></sup></span></p>
<p style="text-align:justify"><span style="color:#000000"><sup><span style="font-size:18px"><span dir="RTL">الحالة لم تكن محتلفة عن المشافي الميدانية التي عشتها هناك بين أهلي وناسي، دخلت غرفتهم التي تشبه بطريقة ما «مستودع»، كان بعضهم نائم، ومن يستطيع المشي منهم، كان يتنقل بين الجدران، يطمئن على حركة الأجهزة وغيرها، ويسألهم إن كانوا يحتاجون شيئاً، ليرسم صورة عن من كانوا جسداً واحداً ضد قوات النظام وميليشياته.<br />
هكذا حين نكون أرقاماً ليس إلا، إذ لم تكن العناية في </span></span></sup></span><sup><span style="color:rgb(0, 0, 0); font-size:18px">المشفى </span></sup><span style="color:#000000"><sup><span style="font-size:18px"><span dir="RTL">على مستوى إصاباتهم، أحدهم يحتاج إلى جهاز خاص لقدمه، كما أن الغرفة ليست بتلك العناية من النظافة، والطعام رديء نوعاً ما، لكنه مقبولٌ لمجرد أنه مؤمن ولا حصار عليه.<br />
على الرغم من معرفتهم أنني بنت الزبداني، إلّا أنهم رفضوا التصوير، بعد أن وصلوا لقناعة أن الإعلام وصل إلى حد المتاجرة بهم، ولم يمنحهم شيئاً لا في الداخل ولا في الخارج.<br />
تحدّثوا عن المعاملة السيئة التي تلقوها في مطار رفيق الحريري ببيروت، عند نقلهم إلى تركيا، قال لي أحدهم إن التفتيش وصل إلى حد أن فكوا عن قدمه جبارها «بقيت طوال الطريق أئن من الألم». بعكس تركيا التي على الأقل استقبلتهم بشكل لائق، إلا أن العناية يوماً بعد يوم تقل، كما أنهم قرؤوا في بعض الصحف التركية، من يهاجمهم على اعتبارهم «إرهابيين ولا يجب استقبالهم».<br />
الجرحى في المشفى، وعند دخولنا، أول ما سألوا عنه كان قضية حصار مضايا، عن آخر التطورات في البلدة، عن أطفالهم إن أكلوا، وحاولنا بطريقة ما تطمينهم أن المساعدات دخلت، بعد «الغصة» والدموع التي انهمرت من عيونهم المختلطة بالتفاؤل.<br />
في حديث جانبي، لجريحين، كان الأول يقول «بدها تخلص، يا نحنا منخلص يا هو بيخلص» الآخر ومن سريره انتفض، «لا، بعد كل هاد نحن اللي نخلص؟ بعد كل اللي صار فينا؟ مستحيل..!!».</span></span></sup></span></p>
