الصحافة الأوروبية تشيد بالشاب الفلسطيني محمد لبد

قاسيون_رصد

ميرا خالد خضر

أشادت الصحافة الأوروبية وبالأخص الصحافة البلجيكية بالقصة الملهمة لشاب الفلسطيني بعدة عناوين من بينها "من غزة إلى مولينبيك: إليكم الرحلة الملهمة لشاب فلسطيني"

وقد سلطت الصحافة البلجيكية الضوء على قصته ونجوميته على التيك توك و الصورة الفوتوغرافية التي نشرها والتي نالت أكثر من مليار اعجاب والتي تظهر الحصار المفروض على غزة.

وأسمته بالفنان القوي والنجم الفلسطيني الساطع وسلطت الضوء على نجاحاته في بلجيكا بعدما وقع شراكة مع علامة تجارية للسيارات الرياضية لمشاهدتها على حساب TikTok الخاص به)...وهوسه برياضة الباركور وافتتاحه لمشروعه الخاص وهي شركته Lubbad Production (التي تخلق وظائف الآن) المتواجدة في منطقة Molenbeek بعدما تلقى أيضًا دعمًا من رجل أعمال فلسطيني ، يعيش في بروكسل ، ويوفر استوديو جميع أنواع التصوير الفوتوغرافي: حفلات الزفاف ، الصور الشخصية ، الأحداث . "

 في البداية ،

محمد عبد الكريم لبد(: Mohammed Lubbad)‏ ‏ من مواليد ٣٠ يونيو ١٩٩٥ في مخيم جباليا بقطاع غزة رياضي ومصور فلسطيني ؛ ويعتبر من أبرز المدربين لرياضة الباركور ومؤسسها بفلسطين ذاع صيته بالأخص بعد مشاركته في برنامج المواهب العربي" آراب جوت تالنت " مرتين على التوالي في موسمه الرابع بعد تدريبه الطفل محمد سعيد الشيخ الذي دخل لموسوعة غينيس للأرقام القياسية عام 2017 واشرافه كذلك على تدريب الطفل يوسف البهتيني الذي حصل على رقم قياسي في موسوعة غينيس عام 2018 بعد مشاركته كذلك في برنامج المواهب العربي في موسمه الخامس مع فريق غزة باركور.

كما يمتلك الشاب محمد لبد موهبة في التصوير والتي قام بصقلها ليصبح من أبرز المصورين الفوتوغرافيين وقد شارك بعدة أفلام قصيرة ابداعية من تصويره الخاص على السوشال ميديا تشمل مواضيع انسانية ووطنية اهمها قضية فلسطين وقضية اللجوء حول العالم كما عرضت بعض افلامه في السينما البلجيكية ، كما عمل في المجال التطوعي في تدريب أطفال مراكز اللجوء في بلجيكا على رياضة الباركور.

مشواره:

لقد دمج محمد لبد رياضة الباركور بعدة رياضات آخرى مثل الباركور تحت الماء والباركور مع الكرة ومع السكيت وغيرها من الرياضات ليصبح من أبرز مؤسسي رياضة الباركور الحديثة في الوطن العربي وهي عبارة عن فن الحركة ونظام الألعاب البهلوانية الذي يتكون من عبور العقبات الحضرية في محيط طبيعي ، بحركات سريعة ورشيقة وبدون مساعدة المواد ....

وبعد أراب جوت تالنت انتقل محمد للعيش في بلجيكا وعمل على مراكز اللجوء لتدريب اللاجئين رياضته المفضلة ..كما يعتبر أول فلسطيني يظهر في كتاب مسلمون من حول العالم.

"لاجئو الباركور"... من غزة إلى بلجيكا

تحدث محمد عن حياته في غزة وبداياته في رياضة الباركور حيث أخذ بنصيحة أحد أصدقاءه بمشاهدة فيلم عن هذه الرياضة لتكون الفكرة والانطلاق والإلهام في بداية مشواره في عالم باركور.. الضاحية 13فقد كان فيلم حركة (أكشن) فرنسي خرج إلى صالات السينما عام 2004، اشتهر بتصوير الممثلين وهم يؤدون مجموعة من الحركات الرياضية، كالقفز من فوق المباني والدوران في الهواء، دون استخدام أسلاك ودون إخضاع مشاهدهم لبرامج مؤثرات خاصة.

ليعرف محمد لاحقاً أن الحركات التي أداها الممثلون خلال الفيلم كانت برياضة الباركور، وهي مجموعة حركات يكون الغرض منها الانتقال من مكان لآخر بأسرع ما يمكن وبأكبر قدر من التناغم والسلاسة، بغض النظر عن الموانع التي قد تصادف اللاعب، عندما عرض الفيلم، تأثر الكثير من الشباب غزة به وبالحركات التي أداها الممثلون خلاله ومن بينهم محمد ..

ليقرر ويبدأ في التجهيز البدني لذلك .واعتمد على العديد من الفيديوهات على منصة اليوتيوب التي تخدمه في التعريف لهذه الرياضة الحديثة، وقد تعرض في بداياته للعديد من العراقيل والحوادث من بينها كسرت ساقه أثناء التدريب ليجد صعوبة لعدة أشهر ليقف مجدد ويعود لتكملة حلمه في اتقان هذه الرياضة، وبعدها كون فريق في رياضة الباركور وقرر إظهار هذه الرياضة للعامة وكما حاول تنظيم تظاهرة رياضية كان من المقرر حضور ٢٠٠ متفرج لكن السلطات قامت بتوقيفها قبل بدايتها وتغريمه بمبلغ مالي معتبر لعدم حصوله على تصريح حكومي لأجد محمد نفسه مرغما على تسديد تلك الغرامة، ليشتغل وقتها في بيع أكلة شعبية وقام بتدريب الشباب لرياضة الباركور بمبلغ رمزي بشكل شهري، في 2014 تم هدم البناء الذي يمارس فيه رياضته والذي يعود ملكيته لعمه بعدما تم قصفه بضربة جوية؛ ليتوقف محمد لبد بعدها عدة شهور عن التدريب وعاد ليعمل في مطعم صغير وينام حسب قوله وراء ثلاجة المحل ليلا ... لكن لم أيأس وكون فريقا لرياضة الباركور واطلق على الفريق اسم "باركور غزة ".

لقد اشتهر هذا الفريق "باركور غزة" بعد مشاركته في برنامج المواهب العربية ،وانتشار فيديوهات لممارستهم لتلك الرياضة الفريدة بين أنقاض المنازل المدمرة في غزة على وسائل التواصل الاجتماعي وليتلقى الفريق الدعم المعنوي من مستخدمين الوسائط الاجتماعية وسكان غزة واتهافت عليهم الطلبات لإجراء مقابلات إعلامية من الصحافة المحلية والعالمية.

وأضاف محمد لبد بالقول في حوار حصري لنا أنه استعمل تلك الرياضة لترفيه عن قلوب الناس وخاصة بعد عام 2014 ، بعدما اندلعت الحرب مجددا يضيف قائلاً : كنا نحاول إثبات أننا كنا على قيد الحياة ونحب الحياة على الرغم من كل الدمار؛ لم يكن من الممكن أن يحطم أي شخص من غزة أي رقم قياسي عالمي؛ قد تم الاستعداد لبرنامج المواهب الأكبر عربيا لقد كان وقتا عصيبا.

اتجه فريق محمد لبد الذي اسسه مع شابين اثنين آخرين نحو الاحترافية أكثر ما لفت لهم الأنظار ويعتمدوا على شوارع وساحات المدينة كمرافق خاصة بهم للتدريب وشاركوا في عدة فعاليات رياضية محلية ثم كانت انطلاقتهم الحقيقية بعد سفرهم للبنان للمشاركة في أكبر برنامج للمواهب العربية.

هوس محمد وأصدقائه باللعبة دفعهم للبحث عن أي طريقة يتمكنوا من خلالها من تأسيس ناد رسمي لهذه الرياضة، ولكن كل جهودهم لم تؤت ثمارها. فوفقا لمحمد، "السلطات في غزة اعتبرت الباركور جزءا من الثقافة الغربية، وبالتالي ممنوع ممارستها هناك".

يضيف محمد لبد بالقول "لم نستسلم، استمرينا بالتدرب والمشاركة بأي فعالية تمكننا من إبراز هذه الرياضة وتحفيز الشباب على الانضمام إلينا... عام 2010 نظمنا حفلاً لموسيقى الراب ورياضة الباركور في غزة، الحفل كان ناجحا جدا، إلا أنني سجنت بعده بحجة ممارسة أنشطة ممنوعة في غزة. ..لقد تدربنا بين المنازل المدمرة؛ كنا معرضين دوما للإصابة، فالبيئة التي كنا نتمرن فيها كانت غير مهيئة. أنا شخصيا تعرضت خلال أحد التمرينات عام 2008 إلى إصابة بليغة منعتني من ممارسة الرياضة لاحقا، فتحولت إلى التدريب؛ رياضة كانت بالنسبة لي الحياة في غزة وهي كذلك رياضة تعلم اللاعب القدرة على التغلب على مخاوف وآلامه، ومن ثم نقل ذلك إلى حياته اليومية. عليه أن يتعلم كيف يتحكم بعقله بالطريقة التي تمكنه من إتقان فن الباركور.."

من غزة إلى أوروبا

لم يتوقف الشبان عن متابعة السعي وراء تحقيق حلمهم ففي عام 2018، عرض عليهم المشاركة ببطولة العالم برياضة الباركور في ألمانيا. بعد جهد جهيد وتحصيل الأذونات والأوراق المطلوبة، تمكن الفريق من السفر إلى ألمانيا.

"حققنا نتائج جيدة جداً" يقول محمد لبد، "مباشرة بعد انتهاء البطولة، عرض علينا القدوم إلى بلجيكا للمشاركة بأكبر فعالية للباركور في أوروبا، ووافقنا مباشرة؛ وبعد انتهاء الفعالية كنا أمام خيارين، إما العودة لغزة المحاصرة أو البقاء في أوروبا، فاخترنا الخيار الثاني وبداءنا بإجراءات طلب اللجوء . هنا لدينا كافة الإمكانيات المطلوبة لنتمكن من تحقيق حلمنا والانتقال بمهاراتنا إلى مستويات متقدمة".

ويضيف محمد لبد "بعد انتقالي للمركز اللجوء بعد الطلب ، بدأت بالعمل مع مجموعة من الأطفال هناك من جنسيات مختلفة، بلجيكيين وسوريين وأفغان وفلسطينيين وأفارقه. شكلنا فريقا صغيرا للباركور، بعد فترة عرض علينا الصليب الأحمر المشاركة بفعاليات رياضية؛ الفريق يتكون من 15 طفلاً، موزعين على فئات عمرية بين 8 و16 عاما، وقد تمكن هذا الفريق من تحقيق عدد من الإنجازات على المستويات المحلية. فمن خلال هذه الرياضة بات الأطفال يشعرون بقدرتهم على تحقيق الكثير. أشعر معهم بالنجاح لمجرد أن أراقبهم وهم يبذلون جهدا لتطور ، وهذا بحد ذاته حافز إضافي لي لأطور من قدراتي أكثر لأتمكن من تدريبهم بشكل أفضل"...

رياضة الباركور والتصوير :

التصوير كان جزء هاماً في حياة "محمد لبد" حيث أثناء ممارسته لرياضة الباركور في غزة كان يقوم بتصوير فريقه وهو يتدرب في ساحات المدينة ومرافقها العامة وبين المنازل المدمرة ..فقد كان التصوير بجانب الرياضة بالنسبة لمحمد، وقد نجح في جلب الاهتمام من خلال فيديوهات التي كان يصورها وينشرها على وسائل التواصل الاجتماعي والتي نقلته إلى العالمية.

فقد كانت تسعده النسب المشاهدة العالية لفيديوهات وهو وفريقه يمارسون رياضتهم المفضلة ولذلك احترف التصوير الذي تدرب عليه أكثر أثناء ذهابه لأوروبا .. حيث أكد محمد بقوله "لطالما أحببت التصوير و حلمت بتأسيس شركة لإنتاج الأفلام، لقد تمكنت خلال فترة بسيطة من اكتساب الكثير من المهارات في مجال التصوير حتى أعمل كمصور حر. طبعا هذا لا يتنافى مع حلمي بتأسيس ناد للباركور".

ختاماً كان سؤالنا لمحمد ماهي طموحاتك :

لدي طموح بإنشاء مركز أو مؤسسة لاكتشاف المواهب ودعمها وتطويرها في فلسطين وبلجيكا فيما يخص رياضة الباركور، الان قمت بتحقيق اول حلم لدي ، وهو شركة إنتاج سينمائي والتصوير ؛ أرغب من خلالها بتسويق أعمالي وتسليط الضوء على قضايا إنسانية وأرغب أيضاً في دعم واكتشاف المواهب في مراكز اللجوء في بلجيكا.

كما أضاف محمد لبد الذي أخذ دروس العزف على البيانو عندما كان صغيرًا ،الأمر الذي أكسبه إحساسًا قويًا بالملاحظة الفنية لذلك يريد حقًا تطوير فكرة اكتشاف المواهب وإعطائهم الفرصة لتسجيل رؤيتهم هنا ، وأضاف كذلك بالقول لدي ايضاً حلم بالسفر حول العالم ويبقى حنيني للوطن .

ربما ، إذا علمنا أطفالنا كيف نبني بالأحرى من تدمير ، كل هذه الحروب والجرائم قد تتوقف يوماً ما"