كمال علي شريف عثمان
لا جدال في أن تاريخ مدينة بعلبك يمثل رافدًا مهمًّا من روافد الثقافة والمعرفة، ورصيدًا للأجيال تمتح منه زادًا لحاضرها ومستقبلها.. ونحن البعلبكيين في أمسِّ الحاجة لإعادة قراءة تاريخنا، ومراجعة ما يتصل به من قضايا الفكر والنهوض والتجدد الحضاري و الفن و الثقافة حتى نكون على بصيرة من خطواتنا ومسيرتنا ،و هنا أستحضر من ذاكرتي العنيدة ذاكرة النقش العميق على صخرة صلدة و أتوقف مع المبدع الراحل الكبير الأستاذ موسى الحريري رحمه الله ، لنقلب معه صفحات فكرية وأوراقًا حضارية تتصل بالثقافة و التربية و الفن الحضاري .
موسى الحريري
مواليد سنة 1957
نشأ و ترعرع في مدينة بعلبك من عائلة
تعد من أفاضل المدينة التي نشهدها بالآدمية و الأدب و التهذيب.
شاءت الأقدار أن يتلقى دراسة الإخراج المسرحي في معهد سيلفيو داميكو إيطاليا
إلى جانب كبار الممثلين و المخرجين الإيطاليين ، آملاً العودة إلى لبنان للعمل في مجال المسرح .
بعد السنوات الست عاد و انصدم من الواقع اللبناني المرير مما دفعه للعمل كمدرّس لمادة المسرح و( الماريونيت)
و هو أول من أدخل المادة إلى المنهج.
تم اعتماده مدرساً في كل من المدارس :
چرين سكول مانر سكول _ ميتم بعلبكالمقاصد و ثانوية عرسال .
كان له باع طويل في العمل المسرحي
فأخرج من المسرح العالمي للمؤلف جون سينغ مسرحية بعنوان "ظل الوادي" و عرضها في حديقة الشاعر محي الدين الجبة لمدة أسبوع .
قدم على مسرح ثانوية الحكمة مهرجانين للأطفال من سلسلة ليدي برد ، و أشرف على إخراج مسرحية طيشونة .
و قدّم على مسرح سينما الشمس مسرحية حكاية حد البير من تأليف المرحوم محمد تغلب ياغي ، ثم نقلها إلى مسرح الحركة الإجتماعية في بلدة رأس بعلبك و عرضها لمدة أربعة أيام .
كما و قدم العديد من مسرحيات للأطفال على مسرح مركز كمال جنبلاط في بعلبك .
الأستاذ موسى الحريري رحمه الله
كانت دائما روحه غائرة في أفق المعالي ، وقلبه ناقع في الجمال اللا محدود، و إحساسه خضل، وذوقه لافت، يدخل القلب ويفيض به شعابه..
كان من مستمعي الموسيقى الكلاسيكية ومن المثقفين الكبار قارئ نهم طيب لطيف مهذب محب للجميع مسالم إلى أقصى الحدود حضاري.
قدّم ثلة من الأدباء و الشعراء في إذاعة لبنان و كرّم العديد من النخب في منزله في بعلبك أذكر منهم الدكتور حسن عباس نصر الله والمرحوم الأستاذ جميل عبد الساتر والأستاذ غازي قيس وغيرهم....
و كان رحمه الله حين يكتب يحرك الساكن و يرمي حصاته في البحيرة الراكدة ، بموهبة المتمكن المنفتح الذي يضنيه الجمود الفكري و الثقافي و الفني .
كتب في عدة صحف لبنانية العديد من المقالات و بعضها كما ترون في الصور مقالاً في صحيفة النداء يتناول فيه مواضيع هامة تخص الدمية و العمل المسرحي و أعماله الرائعة .
غلّبته الحياة ومعتركها وأصيب بجلطة دماغية عن عمر ٥٨ عاما ادت الي وفاته في العام ٢٠١٥ بعد أن سجل إسمه عملاقاً ثقافياً في ذاكرة الوفاء ليبقى راسخاً في تاريخ مدينة بعلبك و أبديّة الخلود.