السوري ومتلازمة الموت
إبراهيم نمر (قاسيون) -
مشهد قتل السوريين، وموتهم، يخيم بظلاله على العالم أجمع، بعد حادثة الاختناق في الأراضي النمساوية. في الشاحنة ماتوا بصمت دون أن تسمع صرخاتهم، وفي البحار طافت أجسادهم الغضّة فبكى عليهم الحجر قبل البشر.
وعلى الرغم من حجم الخسارة، والهزيمة، وهول الكارثة، يأتي بعض «النقاقين» ويسأل: لماذا يهاجرون الوطن؟ وكأن من هاجر الوطن كان ينعم بالمنّ، والسلوى!.
ويسألون أيضاً، ألا يدرك السوري حجم مخاطر الطرقات، وهو يسير بقوافل كبيرة نحو حتفه؟ من المؤكد أنه يدرك ويعي ذلك تماماً. لكن على هؤلاء معرفة أن من يلجأ هرباً بكل الوسائل من أجل الوصول إلى أوروبا يعلم أنه يخاطر بحياته كل لحظة، والأخطر حين يخاطر بحياة جميع أفراد أسرته، ورغم ذك لا يتوانى عن المغامرة، التي قد تأتي ببصيص أمل في الحياة الجديدة.
لكن السؤال المعاكس، أليس وارداً أن هذا السوري المغامر قد يفقد حياته، وحياة كامل أسرته، وهو في حضن الوطن، ببرميل موجه من طائرة سورية، وطيار حربي سوري...؟! لذلك يبقى الموت واحد؛ سواء أكان براً؛ أو جواً؛ أو بحراً؛ أم كان ذلك في الداخل، أم في الخارج.
إنّ متلازمة الموت، التي تلازم السوريين في حلهم- وترحالهم- باتت تؤرق مضاجع الغرب، والشرق. بعد أن أشغلت وسائل إعلامهم، وفيسبوكياتهم، وأحاديث شعوبهم قبل زعمائهم.
اختلفوا فيما بينهم، كانت النتائج أن بعضهم قرر إغلاق حدوده، والآخر بفتحها، والثالث ينهي العمل ببصمة دبلن، والرابع يهدد بفتح المطارات، والحدود، لكن ما هو مؤكد أن المسألة لا علاقة لها بالقلوب ورقة هؤلاء، إنما لأسباب سياسية، أو حتى مواسم انتخابية رخيصة وحدها التمنيات تحضرنا، ونحن نتابع جملة المواقف الدولية، لأن إيواء السوريين الهاربين من الحرب واجب على العالم كله؛ وليس صدقة، والمجتمع الدولي الذي يقف صامتاً عن مجرمي الحرب في سوريا، عليه تحمل نتائج أمثال ذاك المجرمين، لكن يبدو أن الأمر تجاوز كل الحدود.
ولا سبيل سوى الصبر، والموت جوعاً، وغرقاً، وخنقاً، وهرباً كي تفرغ سوريا من ساكنيها، ويسرح- ويمرح- فيها حفنة من العسكر، والقتلة المأجورين، ويأتوا أبنائنا فيما بعد، ويشرحون لأحفادهم، وأحفادنا ما حصل في هذه الأرض، ويقولون لهم: «هنا كانت سوريا».