قاسيون_عادل قطف
لا تزال ذكرى مجزرة الهجوم الكيماوي في مدينة دوما، التي راح ضحيتها مئات السوريين خنقاً وهم نيام عقب استهداف نظام الأسد بلدات الغوطة بصواريخ محملة بغاز السارين، عالقة في أذهان ذوي الضحايا ومن شهدها من الشعب السوري الذي خرج مطالبا بحريته بشكل سلمي عام 2011م.
لم يكن ليتوقع هذا الشعب الذي خرج مسالما يطالب بابسط حقوقه، أن هذا النظام المجرم سيلجئ إلى قتل الشعب الأعزل بأعتى الاسلحة ومنها المحرمة دوليا، كما لم يتوقع أحد أن يلجأ الاسد وداعميه إلى قتل الاطفال وهم نيام من خلال استعمال الأسلحة الكيميائية أمام مرئى من العالم والمجتمع الدولي.
هذه المجزرة التي أدت إلى استشهاد 1477 مدنياً إضافة إلى إصابة أكثر من 6200 أخرين وفق ما وثقته منظمات حقوقية ودولية، حيث كانت أبشع مذبحة ينفذها نظام الأسد من خلال استهدف بلدات الغوطة، بصواريخ محملة بغاز السارين في 21 أغسطس/آب 2013، ليستفيق العالم على أكبر مجزرة عرفها التاريخ الحديث.
ورغم تأكيد عشرات التقارير الدولية والحقوقية مسؤولية نظام الأسد عن هذه المجزرة ، التي تعد الأكبر في تاريخ الثورة السورية،
إلا أن المجتمع الدولي لم يتحرك لاتخاذ إجراءات حقيقية تفضي إلى محاسبته على تلك الجريمة ، بل استمر نظام الأسد باستخدام السلاح الكيمياوي بعدها عشرات المرات.
حيث استهدف نظام الأسد في 4 أبريل/نيسان 2017 بلدة خان شيخون بالأسلحة الكيماوية مرة أخرى، وقتل في الهجوم 100 مدني على الأقل وأصيب أكثر من 500 آخرين، كما شن في السابع من أبريل/نيسان 2018، هجوم بالأسلحة الكيماوية على مدينة دوما أثناء عمليات الإجلاء القسري من الغوطة الشرقية التي كانت محاصرة من قبل قوات النظام وداعميه على مدار 5 سنوات، وراح ضحية المجزرة 78 مدنياً إضافة إلى تضرر المئات أغلبهم من الأطفال والنساء.
ووفقاً لـ"الشبكة السورية لحقوق الإنسان" فقد شن نظام الأسد 217 هجوماً بالأسلحة الكيماوية على المناطق التي تسيطر عليها المعارضة منذ بدء الحرب الداخلية في سوريا عام 2011.
وبالرغم من كل تلك الهجمات بالأسلحة الكيميائية التي شنها الاسد وبدعم روسي، وأمام أعين المجتمع الدولي إلا أننا لم نلاحظ إي تحرك جدي يشير إلى أن منظمات المجتمع الدولي تعمل بشكل جدي على محاسبة الاسد على إجرامه، وهو ما يثير العديد من الأسئلة حول ما إذا كان الأسد قد حصل على ضوء أخضر لإرتكاب هذه المجازر.
ضوء أخضر للأسد لتكرار المجازر؟
في هذا الصدد ربط محللون بين تصريحات الإدارة الأمريكية التي أكدت في 30 مارس/ آذار 2017، إن تغيير نظام بشار الأسد ليس من أولوياتها، معتبرين أن تصريحات الإدارة الأمريكية الجديدة برئاسة "دونالد ترامب" بمثابة تطمين منها للأسد، وهو ما فهمه الأخير أنه ضوء أخضر لإرتكاب المزيد من المجازر.
صحيفة "واشنطن بوست الأمريكية، نشرت تقرير تعقيبا على ذلك قالت فيه: إن حقيقة أن أوباما اختار التراجع عن مواجهة نظام الأسد بعد استخدامه للسلاح الكيميائي عام 2013 ستبقى تطارده عدة مرَّات في السنوات التالية، واضافت أن ما شجع الأسد على استخدام السلاح الكيميائي في سوريا مرة أخرى خلال إدارة الرئيس الحالي ترامب، هي تصريحات الأخير وموقفه من توجيه ضربات للأسد عقاباً له على استخدام الكيميائي.
ومن هنا نستطيع أن نقول بان هذه التطمينات الصادرة عن الإدارات الامريكية، وتقاعس المجتمع الدولي في ايجاد آلية جدية لمحاسبة الأسد على مجزرة الغوطة، بالإضافة إلى الفيتو الروسي، دفعه إلى تكرار تلك المجازر واستخدام الاسلحة الكيميائية رغم زعم المجتمع الدولي بأنه قد تسلم تلك الأسلحة من الأسد وقام بإتلافها.
حية في ضمائر السوريين؟
رغم مرور انقضاء تسعة أعوام على مجزرة الغوطة الشرقية غلا أنها لاتزال حية في ضمائر وقلوب السوريين، خصوصا ممن شهدها، فالكم الكبير لذلك الألم الذي خلفته مشاهد الأطفال وهم يلفظون أنفاسهم الاخيرة جراء إستنشاقهم لغاز التسارين لازالت عالقة في أذهانهم ولايمكن لشيئ أن يمحوها او يخفف ألهم إلا مشاهدة رئس النظام على حبل المشنقة برفقة آمراء الحرب والجزارين في نظامه.
وفي هذا السياق أقام ناشطون في مدينة عفرين شمال محافظة حلب، وقفة احتجاجية إحياءً للذكرى التاسعة على مرور المجزرة الكيماوي، شارك فيها عدد كبير من المهجرين من مختلف المناطق والبلدات مع عدد من الإعلاميين والصحفيين السوريين، بدعوة من رابطة مهجّري زملكا ورابطة مهجّري جوبر وتجمّع ثوار الشام ورابطة الإعلاميين للغوطة الشرقية.
وندد المشاركين بالمجازازر التي ارتكبها الأسد بحق المدنيين، مطالبين المجتمع الدولي ومنظمات حقوق اتلإنسان بمحاسبته على تلك الجرائم.
كما شهدت معظم المدن والبلدات المحررة في الشمال السوري وقفات تضامن لإحياء الذكرى التاسعة لمجزرة الكيماوي في الغوطة الشرقية.
مؤسسات المعارضة تدين المجزرة:
من جانبه اصدر “الائتلاف الوطني” بيان بمناسبة مرور تسع سنوات على المجزرة، قال فيه إن المجتمع الدولي، هو المسؤول عن استمرار المأساة في سوريا وخذلان السوريين.
وأضاف البيان: "يصادف اليوم ذكرى أقسى مجازر نظام الأسد في سوريا، التي ارتكبها بالسلاح الكيماوي (غاز السارين) ضد المدنيين في غوطة دمشق في 21 آب سنة 2013، وقتل أكثر من 1400 إنسان خنقاً، كما يصادف أيضاً ذكرى اليوم الدولي لإحياء ذكرى ضحايا الإرهاب وإجلالهم الذي أُقرّ عام 2017".
وأكد الائتلاف على أن غياب الرادع الدولي والمحاسبة عن هذه المجزرة الوحشية، وإقرار سحب سلاح الجريمة خلال قرار مجلس الأمن 2118 بدلاً من عقاب المجرم، فتح الباب أمام النظام الإرهابي لاستخدام البراميل المتفجرة والقنابل العنقودية وعشرات الأسلحة التدميرية على امتداد السنوات السابقة".
وشدد على أن المجتمع الدولي عمّق جراح السوريين بعد خذلانهم في محاسبة نظام الأسد الذي خرق القرار 2118 واستخدم السلاح الكيماوي عشرات المرات، مع تأكيد لجنة التحقيق الدولية المستقلة مسؤولية نظام الأسد عن الهجمات الكيماوية، كما أسندت اللجنة مسؤولية النظام عن 32 جريمة حرب نفذها بالأسلحة الكيماوية، وهذا ما يوجب تحركاً دولياً تحت البند السابع بحسب المادة 21 من القرار، مطالبا محاسبة نظام الأسد الإرهابي على جرائمه المتعددة إنصافاً لشهداء سوريا ولشعبنا الذي يعيش مأساة إنسانية فريدة بسبب هذا النظام.
يذكر أن روسيا نجحت خلال الآونة الأخيرة في اقناع العديد من الدول العربية لإعادة التطبيع مع الأسد وتعمل على إعادته إلى مقعده في جامعة الدول العربية، رغم الجرائم والمجازر التي ارتكبها بحق الشعب السوري.