لاقت تغريدة رجل المخابرات الإسرائيلي على تويتر ، إيدي كوهين ، والتي قال فيها إن رحيل بشار الأسد سوف يكون في شهر تموز القادم ، ترحيبا واسعا من قبل عدد كبير من السوريين على وسائل التواصل الاجتماعي ، والذين أصبحوا لا يمانعون من مناشدة "الشيطان" ، فيما لو أن مصير الرئيس السوري بالفعل في متناول يديه .
هذا الوضع يعكس حالة القهر والظلم التي تعرض لها هذا الشعب على يد نظامه ، حتى أصبح ينشد "الأمل" من يد "خصمه" ، وهو يعكس أيضا حال الأنظمة الشريرة التي تدفع شعوبها إلى حد الاستنجاد بمن تعتبرهم "أعداءها" ..
ألم يفعلها العراقيون ، عندما فرحوا بغزو أمريكا لبلادهم ، وتدمير مدنهم ومنشآتهم الحيوية ، مقابل تخليصهم من نظامهم الديكتاتوري .. ؟
لا تلوموا الشعوب المقهورة على ردات أفعالها تجاه ظلم الأنظمة التي تحكمها ، وقد رأيت بأم عيني كيف أن الإيرانيين ، الذي كانوا يفرون إلى أوروبا ، كان أقصى طموحهم ، بعد أن يحصلوا على جواز السفر الأوروبي ، هو زيارة إسرائيل ، ثم أنهم ، كردة فعل ، كانوا لا يمانعون من ممارسة كل الطقوس التي تتعارض مع معتقداتهم ، التي كانت الدولة الدينية القمعية تحاول فرضها عليهم بـ "الحذاء".
والسوريون بالطبع ، لا يبتعدون عن هذا التصنيف ، الذين ما إن فروا من بلادهم ، حتى بدأت تظهر عندهم أعراض تلك السنوات الطويلة من حكم الأسدين الاستبدادي ، فتحولت حياتهم إلى جحيم ، وزادت فرقتهم وضياعهم وتشتتهم ..
ولا بد من القول ، إن رحيل بشار الأسد ، قد لا يحمل الحل والدواء الشافي للأزمة السورية ، لكنه الرمزية التي لا بد منها من أجل يستعيد السوريون توازنهم على الأقل .. ولا تنسوا أن هناك قطاعا واسعا من السوريين ، يقدر بالملايين ، ما عادوا يطيقون العودة إلى بلدهم ، وهذا الشخص موجود على رأس السلطة في سوريا ، أو بأي صفة رسمية كانت ، حتى ولو على مستوى مختار لحي المهاجرين الذي يقطنه .
أما الأغرب من كل ذلك ، وبما يؤكد توق السوريين للخلاص من رمزية بشار الأسد ، هو استعدادهم للقبول بأي بديل عنه ، بما في ذلك الراقصة "فيفي عبدو" على حد قول أحدهم ..
من هذا المنطلق ، كان التفاعل كبيرا من قبل السوريين ، مع تغريدات الصهيوني "إيدي كوهين" ، بشقيها ، سواء المتعلقة بموعد رحيل بشار الأسد في تموز القادم ، أو تلك التي تتحدث عن احتمال أن يكون البديل عنه ، هو فهد المصري ، فعلى الرغم من أن هذا الأخير لاقى هجوما واستنكارا واسعا لفكرة اختياره رئيسا لسوريا ، إلا أن أعناق السوريين ظلت مشرئبة نحو الشق الأول ، نظرا لقناعتهم بأن من لازال يبقي بشار الأسد على قيد السلطة في سوريا ، هو إسرائيل ، وأنها صاحبة القول الحسم بمسألة رحيله أو بقائه .
ولعل طرح كوهين لشخصية مثل فهد المصري ، ليس سوى مقياس واختبار لمدى قرف السوريين من بشار الأسد ، لأن الإسرائيليين يدركون بأنه عندما يقبل السوريون بشخصية أقرف من بشار الأسد ، فإنه يمكن التفكير حينها والضغط تجاه تغييره ، أما وأنهم لن يقبلوا ، فإنه لازال في الوقت متسع لبقائه .
لذلك هناك من التقط هذه الفكرة وتوجه لـ "إيدي كوهين" بالقول : إيدي بزنارك .. غيروه إذا كان ذلك ملك يمينكم .. وسوف نقبل بالشيطان بديلا عن بشار الأسد ..
فؤاد عبد العزيز