طار بوتين إلى دمشق في اللحظة التي احتدم فيها العراك بين أمريكا وإيران ، وذلك من أجل أن يلفت الانتباه ، إلى أن هذه منطقة نفوذه ويحذرهم من الاقتراب منها ..
بينما في نفس الفترة ، كان السفير ، جيمس جيفري ، المبعوث الأمريكي إلى سوريا ، يستعد لزيارة تركيا و السعودية ، محملا برسائل جديدة ، بأن أمريكا لا تزال موجودة على الساحة ، وهي لم تقل كلمتها بعد ، وعلى الجميع أن يستعد لموقف أمريكي قريب ..
جيفري في المؤتمر الصحفي الذي عقده في اسطنبول ، قال بوضوح إنه مضى شهر على توقيع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ، لقانون سيزر ، وعلى النظام السوري وجميع الأطراف المتعاونة معه ، انتظار المزيد من العقوبات الاقتصادية ، مكررا دعوة بلاده لإيران للانسحاب من سوريا بشكل كامل ، قبل البدء بأية مفاوضات أو مباحثات بشأن ملفها النووي ..
هذه الصور بكل تأكيد لا تلخص آخر مستجدات الأزمة السورية ، ولكن بالعودة إلى الصورة الأولى ، والتي ظهر فيها بوتين ، أثناء زيارته إلى دمشق ، بأنه صاحب البلد ، وبشار الأسد ضيفا خجولا عنده ، ثمة من المحللين من ذهب إلى أن الرئيس الروسي ، بالغ في تجواله في دمشق مع بشار الأسد ، كما أن الصور التي تم بثها وتوزيعها ، بشكل حصري ، من قبل وكالات الإعلام الروسية ، لم تكن تخلو من المغزى ، بل جرى اختيارها بعناية ، بحيث يقرأ جميع الأطراف ، بأن الأسد الحقيقي ، في هذه الصور هو بوتين وليس بشار ..
وهي تحليلات صحيحة إلى حد ما ، إذا ما أخذنا بعين الإعتبار ، بأن بوتين قارئ جيد للوضع الدولي ، وقد أراد أن يستبق الرد على ما تريد أن تقوله الإدارة الأمريكية ، عبر سفيرها جيفري ، من أن الأسد الحقيقي هو من ينتصر في النهاية ويفرض إرادته على الجميع ..
لذلك لا نبالغ إذا قلنا ، إننا أمام مرحلة جديدة من السيطرة الروسية على سوريا ، ليست اقتصادية هذه المرة ، وإنما كأن روسيا بدأت تستشعر خطر الاقتراب من الفريسة التي اصطادتها بنفسها ، وتريد أن تحافظ عليها بكل قوتها ..
وقد رأينا كيف أن بشار الأسد ، تضاءل حجمه بجانب الرئيس الروسي ، بعد سلسلة لقاءاته التلفزيونية في الفترات الماضية ، والتي حاول من خلالها ، أن يبدو كطاووس منتصر ، وقادر على إدارة اللعبة الدولية بمهارة …
قاسيون