الليرة السورية .. هذا هو مستقبلها ..؟

قاسيون ـ خاص

يرى الكثير من المحللين الاقتصاديين ، بقرار زيادة الرواتب والأجور للعاملين في الدولة ، الذي أصدره بشار الأسد يوم الخميس الواضع ، بأنه وضع الإسفين الأخيرة في نعش الليرة السورية ، والذي سيدفعها إلى مزيد من الانخفاض ، ويدفع بنفس الوقت الأسعار إلى مزيد من الارتفاع .. 

المعادلة كما يرونها من الناحية الاقتصادية ، تتلخص بالتالي ، أن زيادة الرواتب سوف يزيد من التضخم النقدي ، الذي سيعني زيادة المعروض من الليرة على حساب الطلب .. وهذا الأمر في علم الاقتصاد ، لا بد أن يؤدي إلى انخفاض العملة ، سيما إذا كانت الدولة لا تملك الرصيد الكافي من العملات الصعبة ، من أجل سحب المعروض من العملة المحلية من الأسواق .. 

وفي الحالة السورية ، تشير الكثير من المعلومات ، بأن المصرف المركزي لا يوجد فيه سوى القليل من الدولارت لأغراض استيراد القمح وبعض المشتقات النفطية ، والتي لن يغامر النظام بطرحها في الأسواق ، من أجل التوازن بين العرض والطلب .. لذلك يتوقع هؤلاء المحللون بأن الليرة السورية ، سوف تواصل انخفاضها إلى مستويات كبيرة ، بسبب غياب الإجراءات الرادعة .. 

وعلى جانب آخر ، يراهن النظام ، ليس على ما بحوزته من دولارات في المصرف المركزي ، أو بما يحيط به من رجال أعمال يملكون أكثر من نصف الناتج المحلي الإجمالي لسوريا ، وإنما يراهن على قواه الأمنية والمخابراتية ، الجاهزة للبطش بالجميع ، وبالذات بالأسواق والتجار .. 

وقد جرب النظام هذه القوة المخابراتية خلال الأشهر الماضية ، ونجح إلى حد ما بضبط سعر صرف الليرة والأسواق لفترة محدودة ، ما لبثت بعدها الليرة أن واصلت انخفاضها ، والأسعار استمرت بالارتفاع .. 

إذا ، نحن على أعتاب مرحلة جديدة ، سوف تشهد فيها الليرة السورية تراجعات كبيرة خلال الأيام والأشهر القادمة ، كان قد بشر بها المحللون منذ مطلع العام الحالي ، عندما اتضح أن المصرف المركزي ليس لديه أية قدرة للتدخل في الأسواق ، وبسبب الكشف عن ميزان المدفوعات من المستوردات ، والذي كانت قد أعلنت وزارة الاقتصاد ، أنه بحدود 7 مليار دولار سنويا .

وعلى جانب آخر ، يشعر رجال الأعمال المحيطين بالنظام ، بأن الأعين سوف تتطلع إليهم مرة أخرى ، لإنقاذ الليرة السورية ، بعدما فشلوا في خطتهم التي أطلقوها في نهاية الشهر التاسع من العام الحالي ، عبر إنشاء صندوق لهذا الغرض ، لم يستطيعوا ضخ الدولارات فيه سوى لبضعة أيام ، أوقفوا خلالها تدهور الليرة ، لكن مع توقف الضخ في هذا الصندوق ، ساءت الأحوال كثيرا ، وتراجعت الليرة إلى أدنى مستوى لها في تاريخها .. 

ما يقوله رجال الأعمال عن سبب توقفهم عن الضخ في صندوق دعم الليرة ، هو الأوضاع الأمنية في لبنان ، والمظاهرات وقرارات المصرف المركزي هناك ، والذي وضع حدودا للسحب اليومي والشهري من الدولار ، وهو ما منعهم ، حسب قولهم ، من سحب أموالهم من البنوك اللبنانية وإعادة ضخها في البنوك السورية .

هذا يعني بأن الكل بات مقتنعا بأن السيطرة على سعر صرف الليرة السورية ، بات خارج حدود السيطرة عليه ، وما عزز هذا الكلام ، تصريحات بشار الأسد ذاته ، في لقائه مع الإعلام المحلي قبل نحو شهر ، والذي عقد مقارنة صريحة بين سوريا وبين دول أخرى حدثت فيها أزمات مشابهة ، كالعراق ولبنان ، بينما اقتصادها أقوى بكثير من الاقتصاد السوري ، حسب قوله ، ومع ذلك انهارت عملتهم بمستويات أكبر بكثير مما انهارت به الليرة السورية . 

أما التوقعات ، فتشير إلى أن النظام يحضر نفسه لانخفاض الليرة السورية ، إلى 900 ليرة أمام الدولار حتى نهاية العام الحالي ، بينما في العام القادم ، فهو ينتظر ربما معجزة ، كي لا تدفعها للانخفاض إلى فوق الـ 1000 ليرة ، وربما أكبر من هذا الرقم بكثير ..