محمد العويد
أن تغامر وكالة بحجم رويترز للأبناء بنقل وقائع لا نعرف حتى اللحظة واقعيتها في قضية أسر الحوثيين لضباط وعناصر وآليات للمملكة العربية السعودية، فهو ما يعتبر إعلاميا خسارة رأسمال بني عبر عقود من الثقة التي عززتها الوكالة عبر الفضاء الإعلامي الرسمي والشعبي فهل غامرت رويتر حقا؟.
أما الخسارة الأكبر، أن يكون الخبر حقيقيا، سيما وان فيديوهات قدمها الحوثي، ليضع السعودية بالزاوية الحرجة، فهذه لعمري كارثة أكبر من الأولى، وتفرض السؤال الأصعب، عن حجم الخسارة السعودية عسكريا، وسياسيا، ورسميا وشعبيا، ومن حق كل متابع للشأن العام أن يسأل أين قيمة "الرساميل" المالية التي وظفتها المملكة عبر عقود لتجيب عن وقائع هذه الأيام.
خمسة أعوام مرت على احتلال الميليشيات الحوثية العاصمة اليمنية صنعاء، حيث كان ذلك في 21 سبتمبر (أيلول) من 2014. تمر الأعوام ولا تزال صنعاء بيد الانقلابيين، ذلك الأمر تجاوز المعلومة، لأن كل المعطيات تثبت ذلك خصوصاً للإعلام الذي يرى بكل الزوايا.
اليمنيون أنفسهم كشفوا في تقارير إعلامية عن تغلغل إيراني في الإعلام اليمني داخل البلاد، وذلك منذ السيطرة الحوثية على صنعاء، وهي الرؤية الإيرانية التي تمسك مفاصل القوة في أي صراع، خصوصاً أنهم ينجحون في خلق صورة ناصعة عن الدولة الإيرانية ومواقفها داخل إيران إلى حد ما.
النهج الذي تسير عليه دعاية الحوثيين تشبه كل ما تتداوله الآلة الإعلامية الإيرانية، حيث تركز على خطابين وتكرس لنفسها حضوراً في وكالات الأنباء وغرف الأخبار لتمرير تلك الرسالة التي تخالف قواعد المهنة باختلاق أكاذيب، خصوصاً مع كل تطور أو حالة انكسار حوثية –إيرانية.)
زاد من تبني وجهات النظر الحوثية الإعلامية، توظيف بعض وكالات الأنباء خدمةً للدعاية الحوثية، فما كان من كشف للسعودية حول الأسلحة الإيرانية التي استهدفت معملي بقيق وخريص في شرق البلاد، في 14 سبتمبر الجاري، إلا أن فضح هذه الدعاية، إذ كانت الآلة الإعلامية الحوثية تكرس لأن الميليشيا الحوثية هي من استهدف. ورغم أن كل الأدلة تشير إلى أن الاستهداف قادم من الشمال، ظلت آلة الحوثي تركض نحو محاولة التكريس لوجهة نظرها خدمةً لقضايا الانقلابيين داخل اليمن" هذه وجهة نظر الاعلام السعودي.
مايك بومبيو وزير الخارجية الأميركي، كان قد وصف الحوثيين بأنهم «مشهورون بالكذب كثيراً»مضيفا :" يجب أن تقولوا الحوثيون المشهورون بالكذب كثيراً ذكروا ما يلي).
لكن يا معالي الوزير هل يصح أن نقول ذات الشيء بأمكن أخرى، يبدو سؤالا مشروعا وقد يهدم ببنية العمل الإعلامي؟.
وكالات الأنباء هي المورد الأساس لغرف الأخبار، ويتّبع معظمها معايير إخبارية مشتركة، مع أن دورها آخذ في احتمالية الخطأ لا سيما مع تصاعد وسائل التواصل الاجتماعي، وفق وصف أكاديمي سعودي، مشيراً إلى أن المواد الخام التي تنقلها الوكالات تحتاج إلى مراجعة، كذلك ما تتم إعادة نشره، حيث إن ذلك يكون تبنياً دون أخذ الرأي الآخر.
ولكن ماذا لو كانت سياسة الجانب الأخر وهنا السعودية على قاعدة" دعهم يكذبون وسيعرف العالم مستقبلا".
هذه قاعدة نسخت وتلاشت، لو طبق الرئيس التركي ذات القاعدة لم كان اليوم بسدة الرئاسة، على المملكة ألا تقارب نماذج الأنظمة الديكتاتورية إعلاميا، فلا تتحرك إلا في القوت شبه الضائع، عليها التيقن أن ثمة تحولات متسارعة، تقودها اليوم وسائل الإعلام، بسرعة ونفاذ كبيرة.
اعتياد طرق التعاطي الإعلامي قبل عقود، لم تعد صالحة لليوم، وإظهار الأخبار المتسارعة في منطقة "ملتهبة" بعديمة الأهمية والتقليل من شأنها وتجاهل النفي من مستويات عليا قواعد "بالية".وعليكم المسارعة، بتغير طريقة التعاطي قبل الطوفان .