تحليل .. اللجنة الدستورية وآفاق الحل في سوريا

أعلن الأمين العام للأمم المتحدة ، أنطونيو غوتيرس ، قبل يومين ، الاتفاق على التشكيل النهائي للجنة الدستورية ، مطلقا بذلك، حسب قوله ، بدء عملية الحل السياسي في سوريا .

اللجنة كما هو معروف ، يجري الحديث عنها منذ أكثر من سنة ، وعلى ما يبدو أن النظام كان هو من يعطل تشكيلها من خلال رفض بعض الأسماء في قائمة الأمم المتحدة الخمسين ، وقد استغرق الأمر شهورا طويلة ، حتى تم الاتفاق على هذه القائمة .. 

وربما ذلك يعطينا مؤشرا على أن هذه اللجنة يستطيع أي طرف في أي وقت من الأوقات تعطيلها ، وهو ما يتوقعه الكثير من المراقبين ، أن النظام بكل بساطة يستطيع أن يوعز لبعض الأشخاص في قائمته التي تتضمن خمسين إسما كذلك ، أن ينسحبوا من اللجنة ، وبالتالي ندخل في دوامة اختيار أسماء جديدة ، وتعطيل لعمل اللجنة لأشهر وسنوات قادمة ..

البعض يقول إن الروس أنجزوا دستورا كاملا ، وما على اللجنة سوى قراءاته ومناقشة بنوده وإجراء تعديلات توافقية عليها .. وأيضا هذا الأمر سوف يؤدي ، بحسب مراقبين ، إلى انسحاب أشخاص من قائمة المعارضة التي تضم خمسين اسما كذلك ، نظرا للمسافات البعيدة التي تفصل بين أسماء من تم اختيارهم في هذه القائمة ، وهذا يعني بالتالي تعطيل عمل اللجنة لأشهر أو سنوات أخرى ..

هذا هو الوضع ، الذي يتوقعه أكثر المتابعين تفاؤلا ، لحال اللجنة الدستورية ، وهو ما قد يشير إلى أن خطوات الحل السياسي في سوريا ليس من السهولة أن تبدأ ، وإنما بحاجة إلى أكثر من مسألة تشكيل لجنة دستورية ، وإنما إلى تنفيذ القرارات الدولية بحذافيرها التي صدرت عن مؤتمر جنيف الأول في العام 2013 ، والتي تدعو إلى تشكيل هيئة حكم انتقالي ، هي من تقود تشكيل اللجنة الدستورية ، وإجراء انتخابات بناء على ما تقرره .

لكن على ما يبدو أن المجتمع الدولي ، رضخ لرغبة روسيا ، في الإبقاء على هذا النظام ، مع تقديم جزرة اللجنة الدستورية وإلهائهم بها إلى سنوات قادمة ، وإيهامهم بأن هذا هو الطريق الصحيح ، للوصول إلى مطالبهم ، وتحقيق العدالة والحرية التي خرجوا مطالبين بها ، ودفعوا لأجلها مئات آلاف الشهداء وملايين المهجرين ، وخمسة مدن مدمرة بالكامل .. 

المطلوب في المرحلة القادمة من أبناء الثورة السورية ، أن يراقبوا الوضع عن كثب ، وإذا تبين لهم أن هناك لعبة مماطلة عبر اللجنة الدستورية ، فإن عليهم أن يعيدوا انتفاضتهم ، وينقلبوا على الجميع ، بمن فيهم من يدعون تمثيلهم في اللجنة الدستورية .. 

باختصار ، الشعب السوري لم يثر من أجل تشكيل دستور جديد .. وإنما ثار على نظام الأسد ، بكل مكوناته ومؤسساته ، لأنه نظام مجرم وعنيف وفاسد ... ولأنه عبر تاريخه لم يكن يحترم أي دستور ، بما فيه الذي كان يضعه هو .. فما بالكم في دستور سيضعه الآخرون ...؟!