تحليل .. منطقة آمنة بالقطارة ... !

عبر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عن غضبه في أكثر من كلمة كان قد ألقاها الأسبوع الماضي ، متهما الأمريكان بأنهم يماطلون في تنفيذ اتفاق المنطقة الآمنة ، شمال سوريا ، والتي جرى الاتفاق على تفاصيلها بين الجانبين في 7 آب أغسطس ، الشهر الماضي .

ولم يكتف أردوغان بالاتهام ، بل هدد بأنه إذا استمرت أمريكا بالمماطلة ، فإن قواته سوف تتحرك لإنشاء تلك المنطقة بعيدا عن التنسيق مع أي طرف آخر ، مشيرا إلى أن الأمر يتعلق بحماية أمن حدود بلاده ، من خطر التنظيمات الكردية في شمال سوريا ، في إشارة إلى "قسد" والتي تدعمها أمريكا عسكريا بحجة محاربة "داعش" ، بينما رأى أردوغان بأن خطر داعش قد زال ، وأن هذه الأسلحة سوف تتوجه إلى تركيا لاحقا .

الغضب التركي قابله الأمريكان بالقبول ، بتسيير أول دورية مشتركة بين الجانبين ، إيذانا ببدء تنفيذ اتفاق المنطقة الآمنة ، إلا أن تركيا ، لاتزال ترى بأن الخطوات الأمريكية ، بطيئة جدا ، وتعني أن تنفيذ كامل الاتفاق يحتاج إلى فترة زمنية طويلة ، قد تتغير معها الكثير من المعطيات ، لصالح التنظيمات الكردية في شمال سوريا .

واليوم أعلنت وزارة الدفاع التركية عن زيارة وفد عسكري أمريكي رفيع المستوى إلى أنقرة ، من أجل بحث الإسراع في تنفيذ خطوات المنطقة الآمنة ، وهو ما يعني بأن هناك خلافات كثيرة بين الجانبين ، تستدعي مثل هذه الزيارات ، وأن ما تم الإعلان عنه في آب الماضي ، من توصلهما لتفاهم واتفاق كامل على إنشاء المنطقة الآمنة  ، لم يكن صحيحا ، وإنما قد يدل على أن تركيا كانت تسعى فقط للحصول على الموافقة الأمريكية ، على جوهر الفكرة وليس على تفاصيلها ، أو أن الأمريكان أعلنوا موافقتهم في البداية ، ثم تراجعوا … ! 

بكل الأحوال ، واضح أن أمريكا ، لا تريد لتركيا أن تستفرد لوحدها بالمنطقة الآمنة شمال سوريا ، كما أنها من جهة ثانية ، ليس لديها العدد الكافي من القوات لمشاركة الجيش التركي ، وهو ما دفعها مؤخرا لاقتراح مشاركة قوات أوروبية أخرى ، كالفرنسية والدانماركية ، لكي تتواجد في المنطقة الحدودية مع تركيا ، بحجة محاربة داعش .. وهو ما وافقت عليه تركيا فورا ، أو أنها على الأقل لم تبد تحفظها .. غير أن الأمريكا لازالوا غير متيقنين ، من قدرة هذه القوات الأوروبية ، على كبح الجموح التركي ، لفرض سيطرتهم على تلك المنطقة أو استخدامها لاحقا لملاحقة المتمردين الأكراد إلى مناطق أبعد داخل سوريا  .. وهو على الأغلب ما يدفع الأمريكان للمزيد من المماطلة بحثا عن ضمانات أقوى لحلفائهم الأكراد ، بحسب الكثير من المراقبين .