يرى الكثير من المحلليين الاستراتيجيين ، أن التركيبة الشائكة ، للوضع في سوريا والمنطقة ، لا يمكن حلحلتها إلا بحرب ، لا يستبعدون أن تتطور إلى مواجهة إقليمية أو دولية ، فيما لو قررت إسرائيل التدخل وعلى طريقتها الخاصة .
طبول الحرب في سوريا ، أصبح يسمع قرعها بشكل واضح ، وبات لها أكثر من ضارب .. النظام وحلفائه مع المعارضة في إدلب من جهة ، وإيران وحزب الله مع إسرائيل من جهة ثانية ، وتركيا مع المجموعات الكردية في الشمال السوري ، من جهة ثالثة .. لكن أخطر هذه المواجهات لو وقعت ، فهي بدون شك سوف تكون مع إسرائيل ، مع عدم التقليل من خطورة باقي الحروب والمواجهات ، فهي جميعها تنذر بتدخل دولي أو إقليمي ، بما فيها الحرب على إدلب .
لكن وكما يرى الكثير من المراقبين ، فإن إيران لم يعد يتبقى في يدها سوى ورقة اسرئيل ، لمواجهة الضغوطات الغربية والحصار الاقتصادي الخانق الذي تتعرض له ، وذلك بعدما أصبحت قضية الحوثي في اليمن ، والتهديد بإغلاق مضيق هرمز ، أوراقا بالية في يدها ، لم تجلب لها سوى المزيد من الحصار ، والذي تحول الآن إلى تحالف دولي عسكري كبير ، قبالة شواطئها .
لكن الكثيرون يتساءلون ، هل إيران قادرة على التورط في حرب مع إسرائيل على الأراضي السورية ..؟
إيران ، وكما هو واضح ، أن سياستها لم تعد قائمة على التورط في حروب مباشرة مع دول أخرى ، وذلك بعد حرب الخليج الأولى مع العراق في الثمانينيات من القرن الماضي ، وهي بدل ذلك ، أصبحت تستخدم ميليشيات طائفية عميلة لها ، في الدول ذات البعد الاستراتيجي ، كاليمن والعراق ولبنان وسوريا ..
لذلك ، أغلب الظن ، أنها ستوعز لميليشيا حزب الله اللبناني ، أن يخوض هذه الحرب عنها ، ويمارس دور إزعاج اسرائيل ، مثلما هو الدور الذي يمارسه في اليمن عبد الملك الحوثي في إزعاج السعودية ..
لكن هناك فرق كبير بالنسبة للغرب ، بين إزعاج السعودية ، وإزعاج إسرائيل ، فالأولى لم تعد حليفة مدللة ، في أعقاب إعلان الرئيس الأمريكي السابق ، باراك أوباما ، انسحابه من مشاكل الشرق الأوسط ، لدى تسلمه ولايته الأولى ، ومن ثم إعلانه لاحقا ، استغناء بلاده عن نفط الخليج ، وتفرغها للمواجهة التجارية مع الصين .. وهو ما يتابعه سلفه ترامب في الوقت الحالي ، مع فارق ، أن هذا الأخير ، أكثر براعة في ابتزاز دول الخليج ، ويحاول أن يوهمهم أن بلاده لاتزال تعتبرهم حلفاء استراتيجيين .
أما إزعاج إسرائيل ، فهو يشبه اللعب بالنار ، لكنها مواجهة ، أصبحت بالنسبة لإيران ، كالتي لا بد منها ، فهي ورقتها الأخيرة للضغط على الغرب ، وإجباره على فك الحصار عنها ، ومن ثم الجلوس على طاولة المفاوضات معها ، والاعتراف بطموحاتها الإقليمية الإمبراطورية في المنطقة .
وإيران من جهة ثانية ، ليست خاسرة بشكل مباشر من هذه المواجهة لو حدثت ، لأن من سيدفع الثمن هو لبنان وسوريا بالدرجة الأولى ، ومجموعاتها الطائفية في العراق بالدرجة الثانية .. أما هي فتراهن ، على أن إسرائيل لن تتحمل حرب استنزاف طويلة ، وخسائر محدودة ، حتى لو كانت هي الرابح فيها ، ولابد أنها في مرحلة من المراحل ، سوف تضغط على الغرب ، وتجبره على التحاور مع إيران ، ومن ثم تصفية كل الملفات على الطاولة .
هذه هي باختصار رؤية إيران الاستراتيجية في المنطقة وسوريا ، وهي لا تمانع من افتعال الحرب مع إسرائيل ، حتى لو كان ذلك من أجل إشعال سيجارة .