يتحدث النظام السوري وبثقة ، بأن سيطرته على مدينة خان شيخون الاستراتيجية ، ما هو إلا مقدمة للسيطرة على محافظة إدلب بالكامل ، التي أصبحت بحسب رأي محلليه ، قاب قوسين أو أدنى من السقوط ..
غير أن نظرة فاحصة على مجريات العمليات العسكرية التي يقوم بها النظام بمساعدة الطيران الروسي ، والميلشيات الشيعية الإيرانية ، نجد بأن الهدف من السيطرة على مدينة خان شيخون بالدرجة الأولى ، هو نتيجة لاتفاقات مسبقة بين الأطراف المتدخلة بالمشكلة السورية ، من أجل تأمين خطوط التجارة الدولية " إم 5" الذي يمر من إدلب باتجاه مدينة حلب .
وهذا لا يعني بالضبط ، أن فصائل المعارضة المقاتلة على الأرض ، هي جزء من هذه الاتفاقات ، وإنما هي كانت تقف حجر عثرة في سبيل تحقيقها ، وهو ما دفع النظام السوري وحلفاؤه ، للتوحش في الفترة الأخيرة ، من أجل السيطرة على كامل محيط خان شيخون ، قبل أن يحكم بالأمس سيطرته على المدينة ..
الكثيرون يتحدثون من أن جيش العزة الذي كان يسيطرة على المنطقة ، سوف يتهاوى بعد انسحابه منها ، وبالتالي لن يكون قادرا على الدفاع عن مدينة إدلب التي تراجع إليها ، وهذا ما يجعل النظام متفائلا بسهولة السيطرة على باقي محافظة إدلب .. إلا أنه بحسب قادة عسكريين ، فإذا كان السيطرة على منطقة مكشوفة مثل خان شيخون ومحيطها ، استغرق أكثر من ثلاثة أشهر ، من قبل قوى عظمى ، تساعد النظام ، فما هو الحال مع مناطق في عمق إدلب ، تتميز بطبيعتها الجغرافية الوعرة ، ويتحصن فيها مقاتلو المعارضة بشكل جيد ..؟
بدون شك ، يعتبر الكثير من المحللين العسكريين ، أن أوهام السيطرة السريعة على محافظة إدلب ، هو ضرب من الخيال ، والمعركة ستكون مكلفة كثيرا فيما لو قرر النظام الاستمرار بتقدمه ..
والأمر لا يتعلق فحسب ، بالمقاومة العسكرية التي سيواجهها ، وإنما بالواقع الإنساني الصعب ، لمدينة إدلب التي يعيش فيها أكثر من أربعة ملايين سوري ، الكثير منهم من المهجرين من المناطق الأخرى .
إن إقدام النظام والروس على أي عمل عسكري في عمق محافظة إدلب ، من شأنه أن يفجر أزمة كبيرة ، لن يكون بوسع المجتمع الدولي تحملها وبالتالي السكوت عنها ، هذا ناهيك عن الموقف التركي ، الذي ستكون بلاده هي الوجهة الوحيدة للمدنيين الفارين من الموت .. لذلك يرى الكثير من المحللين ، أن النظام والروس والميليشيات التي تساندهم ، لن يغامروا في المرحلة القادمة بأي هجوم ارتجالي على محافظة إدلب ، وإنما سوف يستمرون ، بتأمين خطوط التجارة الدولية ، انطلاقا من خان شيخون إلى سراقب ، مرورا بمعرة النعمان ، والمناطق القريبة منها ، والتي تقع تحت سيطرة المعارضة .