أحدهما حكم 30 سنة والآخر 30 ساعة.. السودان بين جنرالين

قاد عمر البشير السودان لمدة 30 عاما. بينما قاد خليفته وزير الدفاع أحمد عواد ابن عوف البلاد لمدة 30 ساعة تقريبا.

تنحى ابن عوف من منصبه كرئيس للمجلس العسكري السوداني الحاكم، بعد أن قاد انقلابا لمدة يوم واحد ضد البشير. لم يشرح أسباب استقالته ولكنه عين جنرالا آخر وهو عبد الفتاح البرهان عبد الرحمن.

كان هذا الإعلان بمثابة أحدث دراما سياسية تتكشف في السودان، حيث يحتج المتظاهرون منذ شهور، ويطالبون بإصلاحات اقتصادية وسياسية. كان تعديل يوم الجمعة أحدث علامة على أن الاضطرابات في السودان لم تنته بعد.

نقابة المهنيين السودانيين، والتي قادت المظاهرات جددت دعوتها لانتقال سياسي مدني ودعت المدنيين لاستكمال اعتصامهم أمام مقرات الجيش.

المجلس العسكري الذى سيطر على الحكم بعد الإطاحة بالبشير قال يوم الجمعة إنه سيقود عملية الانتقال لمدة عامين والتي قد تنتهي قريبا تحت ظروف سياسية صحيحة.

بعض المحللين قالوا إن استقالة ابن عوف قد تشير إلى أن هناك جماعات داخل قوات الأمن السودانية لا تزال تتنافس على السلطة وراء الكواليس - وأشار إلى فصيلين على وجه الخصوص.

أحد هذه المجموعات يتضمن علاقات مع مصر والسعودية والإمارات والذين يتكونون من ابن عوف ورئيس المخابرات السوداني صلاح جوش. المجموعة الاخرى مدعومة من قطر وتركيا، وهما دولتان تضغطان من أجل المزيد من النفوذ في السودان في امتداد لمنافساتها الإقليمية مع دول الخليج الأخرى.

تقول سوزان ستيجانت، مديرة البرامج الأفريقية فى معهد الولايات المتحدة للسلام "لم يتفق أحد بعد من سيكون فى الداخل ومن سيخرج. هناك خطر لتصعيد العنف بين الطرفين"

بايتون نوبف، ديبلوماسي أمريكي سابق عمل فى السودان، قال أن الولايات المتحدة يجب أن تركز على تأكيد عدم تصدير منافستها الاقليمية إلى هناك "السيناريو المرعب هو أن يتم تطعيم المخيمات المختلفة في الشرق الأوسط على الوضع في السودان. الولايات المتحدة لن تحل هذا من تلقاء نفسها، لكن يمكنها أن تقود إجماعًا دوليًا إلى انتقال بقيادة مدنية"

وقال ويلو بيرجيد، الباحث في شؤون السودان في جامعة نيوكاسل، إنه فى الأشهر القليلة قبيل الإطاحة به، البشير ذهب فى محادثات مع القطريين والسعوديين لمزيد من التعافي الاقتصادي ومحاولة اللعب على وضع الخصمين الإقليميين قبالة بعضهما البعض. وقالت إن الضباط العسكريين الذين يحكمون السودان الآن قد "يحاولون لعب نفس اللعبة".

فى واشنطن، مسؤولون أمريكيون دعوا إلى انتقال ديموقراطي للسلطة فى السودان ولكنها امتنعت عن لعب دور الوسيط الأساسي فى الأزمة.

يقول المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكي "الشعب السوداني يجب أن يحدد من سيقوده ومستقبلهم. الشعب السوداني كانوا واضحين بمطالبهم وهي انتقال فوري للسلطة بقيادة مدنية"

قبيل الإطاحة بالبشير، كانت إدارة ترامب فى محادثات مع حكومة البشير لازالة تصنيف السودان فى قائمة وزارة الخارجية الأمريكية من أنها دولة تدعم الإرهاب فى مقابل التقدم فى مجال حقوق الانسان دعم محاربة الارهاب، بالإضافة لأمور أخرى.

لكن وزارة الخارجية علقت المفاوضات بعد انقلاب الخميس الماضي، إلا أن المتحدث الرسمي قال أن الولايات المتحدة ستعيد فتح المفاوضات فى ظروف مناسبة "ما زلنا منفتحين على المشاركة التي من شأنها أن تدعم تقدما ملموسا ... مع القادة المستعدين لتلبية مطالب الشعب السودانية المشروعة"

التغيرات المفاجئة فى السودان تمثل نفس المعضلة التي واجهها منظمو الاحتجاج منذ عقود: كيف يقومون بتفكيك عصابة القادة العسكريين الذين يحكمون البلاد؟ نشطاء منقسمون حول كيفية تحقيق الانتقال إلى الديموقراطية.

المتحدثة باسم نقابة المهنيين السودانيين، سارة عبد الجليل، قالت أن المجتمع يجب أن يركز الآن على منع أي مجزرة فى السودان، فى أواخر عام 2013، الحكومة السودانية قتلت ما يقرب من حوالي 200 شخص شاركوا فى مظاهرات.

تقول عبد الجليل لصحيفة الفوريين بوليسي "عدد القتلى منذ شهر ديسمبر وصل ل70 شخصا وهناك خطرا جاريا قد يحدث مجددا. نحن نحتاج إليكم لتنظروا إلينا بعناية لأننا قلقون جدا جدا من أنه قد يستخدم العنف" وأكدت على أنه لا يجب أن يكون هناك تدخلا عسكريا أجنبيا فى التغيير السلمي السوداني.

منظمات مجتمع مدني سوداني أخرى تدعو لدعم دولي أقوى لتهميش الدور العسكري ووضع انقال سياسي بقيادة مدنية فى السودان.

"لا يزال هناك أمل في أن تؤثر الحملة المنسقة من داخل وخارج السودان على المجلس العسكري الجديد لتسليم السلطة إلى حكومة مدنية انتقالية. وللقيام بذلك، نحتاج إلى دفع الدول الأعضاء في الاتحاد الأفريقي ومجلس السلام والأمن التابع للاتحاد الأفريقي ومجلس الأمن التابع للأمم المتحدة ". هذا ما جاء في رسالة من مجموعات المجتمع المدني السودانية التي تم توزيعها في المنطقة والتي حصلت عليها الفوريين بوليسي.

الاتحاد الأفريقي أصدر بيانا يوم الخميس يقول أن "التولي العسكري للسلطة ليس ردا مناسبا"

وقال بريت كارتر، باحث في السياسة الإفريقية بجامعة جنوب كاليفورنيا، إن معظم قادة الاتحاد الأفريقي ليس لديهم الكثير من المودة لحكومة البشير.

وقال "في الوقت نفسه، لا يريدون أن يفعلوا أي شيء يشجع الاحتجاجات الأخرى التي تستلهم من الأحداث الأخيرة في الجزائر والسودان". مضيفا "أنني أفكر من وجهة نظر الاتحاد الأفريقي، وهو أنه سيكون من الأفضل أن يتم حل هذا الموقف قريبا".

 

* هذا المقال مترجم عن صحيفة فريين بوليسي. للاطلاع على المقال من المصدر يرجى الضغط هنا