مترجم: الصراع السوري يظهر فشل المجتمع الدولي فى التعلم من درس رواندا

25 سنة مرت، والعالم كان يتفرج بصمت على الأخبار القادمة من أفريقيا أن حوالي 800 ألف رواندي ينتمون إلى عشيرة التوتسي الأقلية قد تم ذبحهم في غضون ثلاثة أشهر. حتى الأطفال، الذين لم يتمكنوا من معرفة الفرق بين التوتسي والهوتو، لم يتم إنقاذهم لأن قوات الأمم المتحدة في البلاد لم تكن قادرة على وقف العنف أو حماية المدنيين الأبرياء أو حتى دعوة العالم إلى التحرك.

وبالقدوم سريعاً إلى 2019 وملايين السوريين لاجئين فى بلدان مجاورة وملايين مهجرين داخلياً بعد أن تمردوا على حكم عائلة بشار الأسد. القرى والبلدات شمالاً وجنوباً تحولت إلى حطام بفضل قوات النظام، تاركين أكثر من نصف مليون قتيل.

الشهر الماضي، الحرب فى سوريا دخلت عامها التاسع مع نقطة إيجابية واحدة – القضاء على داعش، أو على الأقل نهاية مطالبة هذه الفرقة الإجرامية البشعة بدولة وهمية. لكن ماذا سيحدث للسوريين؟ وكيف سيتم التوفيق بين البلاد؟ لا يزال الانتقال إلى سوريا مسالمة ومتعايشة بعيد المنال رغم كثرة قرارات الأمم المتحدة وعملية السلام في جنيف، والمحادثات الأخرى في فيينا، والعملية الثالثة التي دافع عنها حلفاء الأسد تسمى عملية أستانا.

فى كلاً من رواندا وسوريا، العالم يخذل المدنيين وواجبه الدولي المتعدد الأطراف، أو "مسؤولية الحماية"

مجزرة رواندا تمت فى 6 أبريل 1994، عندما كان هناك طائرة تقل الرئيس جوفينال هابياريمانا أسقطت فى العاصمة كيجالي، وقتل الزعيم الرواندي من قبيلة الهوتو. أقلية التوتسي اتهمت باسقاط الطائرة، وتلا ذلك موجة من الهجمات الانتقامية في جميع أنحاء البلاد التي يبلغ عدد سكانها 12 مليون نسمة.

الإبادة الجماعية استمرت 100 يوم ، بالضبط ما دام القتل مستمراً في عام 1994 ، مما أدى إلى القضاء على أكثر من 70 في المائة من أبناء التوتسي. وستكون هذه أيضاً فرصة للبلاد لإظهار أن السلام يمكن أن يسود مرة أخرى بين شعبها.

قصة رواندا والتي تعود لعام 1990 صدمت العالم مثل عمليات القتل التي حدثت في البلدات السورية التي دمرها قصف النظام واستخدامه للأسلحة الكيميائية.

في رواندا بعد الإبادة الجماعية، حاول العالم التراجع عن إخفاقاته السابقة. خضعت الأمم المتحدة، وخاصة عملية حفظ السلام التي قادتها في منتصف التسعينيات من قبل كوفي عنان، لإصلاحات ضخمة وقادت العالم إلى تقديم مسئولية الحماية في قمة عالمية عام 2005. من عام 2014، أي بعد ثلاث سنوات من الصراع في بدأت سوريا، حضر مجلس الأمن عشرات القرارات أو التصريحات الرئاسية أو نحو ذلك لصالح مسئولية الحماية، ولكن دون جدوى. كل قرار تضمن الصياغة القائلة "المسؤولية الأساسية للسلطات السورية عن حماية سكان سوريا" لم يكن يستحق حتى الورق الذي تم توقيعه عليه.

العالم كان من المفترض أن يكونوا متحدين، على الورق على الأقل، حيث أن جميع الموقعين على ميثاق الأمم المتحدة وعددهم 190 دولة قد وقّعوا على عقيدة مسئولية الحماية على أمل حماية المدنيين من حالات الإبادة الجماعية وجرائم الحرب والتطهير العرقي والجرائم ضد الإنسانية.

ومع ذلك، بعد ثماني سنوات من بدء الحرب السورية، العالم أفشل الشعب السوري وفشل في تحمل مسؤوليته عن الحماية لأسباب مختلفة. لكن كل هذه الأعذار لا تهم الآن، حيث يقف العالم منقسماً وغير مهتم بكيفية التصالح بين النظام والمدنيين بطريقة تسمح للسوريين بالعودة إلى ديارهم.

فى حين، ليس كل الروانديين يعتقدون أن التصالح قد نجح. البعض يدعى أن السلام والتصالح كان يقوده الحكومة ومنظمات خيرية دولية.

التصالح العرقي هو حجر زاوية لحكم باول كاجامي، زعيم رواندا الفعلي منذ انتهاء الإبادة الجماعية في عام 1994 ورئيس البلاد منذ عام 2000، والذي يعزى إليه الفضل في تحقيق الاستقرار والنمو الاقتصادي وتحسين الصحة والتعليم في البلاد.

السوريين الذين ليس لديهم حظ والذين خذلهم الجميع قد تركوا لوحدهم فى محاولة للتفاوض بشأن عودة عائلاتهم بضمانات محلية غير مضمونة السلامة.

نظام الأسد، والذى ضعف بطريقة دراماتيكية، كما كان واضحاً من رد الرئيس الأسد على اعتراف الولايات المتحدة بالسيادة الإسرائيلية على مرتفعات الجولان المحتلة، لا يزال مدعوماً من قبل إيران وروسيا. لا يزال الأسد وحلفاؤه غير مستعدين لتقديم تنازلات أو الموافقة على أي شكل من أشكال انتقال السلطة يمكن أن يضع غطاء فوق الصراع والبدء من جديد، على الأرجح من خلال عملية يدعمها المجتمع الدولي والتي قد ترى إعادة بناء سوريا.

مثل هذا المأزق يظهر مجددا كيف تموت سلطة القانون فى عالم اليوم. كما حدث فى رواندا قبل 25 عاماً، المنظمات الدولية مثل الأمم المتحدة عاجزة في عالم مليء بالخلاف والشقاق مع الشعوبية والخطابة الإقصائية.

يدل هذا التوقيت وهو الربع قرن الذى مضى والذي يفصل بين الفظائع التي ارتكبت في رواندا وسوريا على أن جميع المنافذ الحوارية المتعددة الأطراف قد ذبلت في رياح الخوف. فشل المجتمع الدولي في التحرك في التسعينيات، ومن غير المرجح أن يتم إستدعاء برنامج مسئولية الحماية لإيجاد حلول في سوريا وعشرات مناطق الصراع الأخرى في الشرق الأوسط وما وراءه.

* هذا المقال مترجم للكاتب محمد شيبارو على موقع عرب نيوز. للاطلاع على المقال من المصدر :الضغط هنا